على أن شيخ الإسلام رحمه الله كان يرى أن الدرهم والدينار عُرفي، وأن ما سمي درهمًا أو دينارًا في العرف فهو درهم ودينار قل ما فيه من الذهب والفضة أم كثر، وسبق، لكن في مسألة الصاع وافق الجماعة؛ يعني وافق المذهب وقال: إن المراد صاع النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والصاع: مِكيال يُقدَّر به الحجم، والمثقال: معيار يقدر به الوزن، ولكن العلماء رحمهم الله نقلوا المكيال الذي يُقدَّر به الحجم إلى المثقال الذي يُقدَّر به الوزن نظرًا؛ لأن الأزمان اختلفت والمكاييل اختلفت، قال العلماء: فنُقلت إلى الوزن من أجل أن تُحفظ؛ لأن الوزن يحفظ، واعتبر العلماء رحمهم الله البر الرزين، وحرروا ذلك تحريرًا كاملًا، وقد حررته أنا فبلغ ألفي جرام؛ يعني كليوين وأربعين جرامًا بالبُرِّ الرزين.
ومن المعلوم أن الأشياء تختلف خفة وثقلًا، فإذا كان الشيء ثقيلًا فإننا نحتاط ونزيد الوزن، أليس كذلك؟ وإذا كان خفيفًا فإننا نقلل، ولا بأس أن نأخذ بالوزن؛ لأن الخفيف يكون جرمه كبيرًا، والثقيل يكون جرمه صغيرًا، وعلى هذا نقول: إذا أردت أن تعرف الصاع النبوي فزِنْ ألفين وأربعين جرامًا من البر الرزين -يعني الدجل الجيد- زنه، ثم بعد ذلك ضعه في إناء، ضع هذا الذي وزنت في إناء، فما بلغ في الإناء فهو الصاع النبوي، وعليه فيمكن الآن أن يتخذ الإنسان صاعًا نبويًّا يعرف أنه مقدار الصاع النبوي الذي في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام.