الصحيح أنها لا تُجزئ إذا لم تكن قوتًا للآدميين فإنها لا تجزئ، وإنما نص عليها في الحديث؛ لأنها كانت طعامًا؛ فالعلة أنها طعام، فيكون ذكرها على سبيل التمثيل لا التعيين، لما ثبت في صحيح البخاري (١٢) قال: كنا نخرجها في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم صاعًا من طعام، وكان طعامنا يومئذٍ التمر، والشعير، والزبيب، والأقط. فقوله: من طعام، فيه إشارة إلى العلة؛ وهي أنها تُطْعَم وتُؤكل، ويرشح هذا ويقويه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«أَغْنُوهُمْ عَنِ السُّؤَالِ فِي هَذَا الْيَوْمِ»(١٣). وإن كان هذا الحديث ضعيفًا، لكنه يقويه أيضًا حديث ابن عباس: فرضها -أي زكاة الفطر- طُهرةً للصائم من اللغو والرفث وطُعْمةً للمساكين (٢). فعلى هذا إذا لم تكن هذه الأشياء من القوت كما كانت عليه في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإنها لا تجزئ.
ثم قال المؤلف رحمه الله:(فإن عدم الخمسة أجزأ كل حب وثمر يُقتات)(فإن عدم الخمسة) يعني في مكانه، ما هو في الدنيا كلها، فلا يلزمه أن يسافر إلى بلد ليأتي بها، إذا عدمها في مكانه، أو فيما قرب منه عرفًا مما لا يشق عليه تحمل الإتيان بهذه الخمسة أجزأ كل حب.
قوله:(إِنْ عَدِم)(أجزأ) يُعلم منه أنه لو أخرج من غير هذه الخمسة مع وجودها فإنه لا يجزئ، ولو كان ذلك قوتًا، ولو كان ذلك أفضل عند الناس من هذه الأنواع الخمسة، هذا ما ذهب إليه المؤلف وقال:(كل حب وثمر يقتات)(الحب)، مثل: الدُّخن، الذرة، الرز، وغيره مما يقتات، والثمر مثل: التين، التين يُقتات كالتمر، وهو فيما سبق لما كان كثيرًا في البلاد عندنا كانوا يجعلونه مع التمر تمامًا؛ يعني يُكنز مع التمر، تنكة من التمر يكون فيها تنكة من التمر، وبعضها من التمر، وبعضها من التين، الجصة، ولا أدري هل تعرفونها أم لا؟