قال المؤلف:(ينقضُ ما خَرَجَ من سَبيلٍ)(ما) اسم موصول بمعنى (الذي)، واسم الموصول للعموم، كلُّ أسماء الموصول للعموم، سواء كانت خاصَّة أم مشتركة، فالخاصة هي التي تدلُّ على المفرد والمثنى والجمع، مثل:(الذي)، و (الذين)، و (اللذان)، والمشتركة هي الصَّالحة للمفرد وغيره، مثل:(مَنْ)، و (ما)، و (ذا)، وما أشبهها، و (أل).
فهنا يقول:(ما خرج من سبيل) قلت: إن (ما) للعموم يشمل كلَّ خارج، و (من سبيل) مطلق يتناول القُبُل والدُّبر، وسُمِّي سبيلًا؛ لأنه طريق يخرج منه الخارج، والسبيل هو: القُبُل والدُّبر.
وقوله:(ما خرج) إذا قلنا بأنه عام يشمل المعتاد وغير المعتاد، المعتاد مثل أيش؟ كالبول والغائط والرِّيح من الدُّبر، هذه الثلاثة معتادة، قال الله تعالى:{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}[المائدة: ٦]، وفي حديث صفوان بن عَسَّال:«وَلَكِنْ مِنْ بَوْلٍ وَغَائِطٍ وَنَوْمٍ»(١٠)، وفي حديث أبي هريرة (١١) وعبد الله بن زيد رضي الله: «لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا»(٦).
ويشمل أيضًا ما كان طاهرًا أو نجسًا؛ فالطاهر كالمني، والنجس ما عداه من بول ومذي وودي ودم؛ لأن الذي يمكن خروجه من القُبُل مثلًا خمسة أشياء: البول والودي والمذي والمني والدم، دم، إي نعم قد يخرج، وهذا شيء واقع، ما هو شيء مفترض، المهم أنه شامل لهذا كله، كله ينقض الوضوء.
الريح من الدبر معتادة، ومن القُبُل غير معتادة؛ ولهذا اختلف فيها الفقهاء؛ فمنهم من قال: إنها تنقض الوضوء، ومنهم من يقول: إنها لا تنقض الوضوء.
وهذه الرِّيح تخرج أحيانًا من فُروج النساء، ما أظنُّها تخرج من الذكر، وربما تخرج، لكن يمكن أنها من أندر النادر، إنما الذي يخرج كثيرًا الريح من قُبُل المرأة، فهي تنقض الوضوء، على ما صرح به فقهاؤنا رحمهم الله، ومن العلماء من يقول: إنها لا تنقض؛ لأنها غير معتادة.