الفقهاء السبعة، وهو مذهب الشافعي، ورواية عن أحمد: يرون أن الخارج من البدن لا ينقض الوُضُوء قلَّ أو كثُر، إلا البول والغائط.
وحجتهم في ذلك: أن الأصل عدم النَّقض، وإذا كان الأصل عدم النَّقض، فمن ادَّعى خلاف الأصل فعليه الدَّليل.
قالوا: وقد ثبتت طهارته بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي، لا يمكن رفعه إلا بدليل شرعي، فإذا جئتم بدليل شرعي مقاوم للدليل الذي ثبتت به الطهارة فعلى العين والرأس، ونحن لا نخرج عما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأننا متعبَّدون بشرع الله، لا بأهوائنا، لا يسوغ لنا أن نلزم عباد الله بطهارةٍ لم تجبْ، ولا أن نرفع عنهم طهارةً واجبة، أرونا الدليل، وعلى العين والرأس.
فإذا كانت الطهارة قد ثبتت بمقتضى دليل شرعي فلا يمكن أن ترتفع إلا بدليل شرعي، والدليل الذي استدللتم به قد ضعَّفه كثيرٌ من أهل العلم؛ قاء فتوضأ (١٢).
ثم نقول: إن هذا مجرد فعل، ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب؛ لأنه خالٍ من الأمر، فمجرد الفعل لا يدل على الوجوب، وعلى هذا فلا يجب.
ثم إنه مقابل بحديث -وإن كان أيضًا مضعفًّا- أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم احتجم، وصلى ولم يتوضَّأ (١٣)، وهذا يدلُّ على أنه ليس للوجوب، وهذا القول هو القول الرَّاجح؛ أنه لا ينقض الخارج من بقية البدن وإن كثر، سواء كان قيئًا أو رعافًا أو جرحًا أو ماء جروح، أو أي شيء آخر.