فخذ الآن هذا الثاني من نواقض الوضوء صار فيه خلاف بين أهل العلم، والراجح عدم النقض به.
قال:(وزوالُ العقلِ) زوال العقل على نوعين: زوال بالكُلِّيَّة، وهو رفع العقل، وذلك بالجنون، نسأل الله العافية.
والثاني: تغطية العقل بسبب يوجب أن يرتفع العقل لمدَّة معيَّنة لسبب معلوم، مثل: النَّوم والإغماء والسكر، وما أشبهها.
هذا زوال العقل، لكنه ليس ارتفاعًا بالكلية، فزوال العقل ناقض للوضوء، ولكن هل هو ناقض أو مظنة النقض؟ فيه خلاف، العجيب مذاهب العلماء في النوم كثيرة، ثمانية مذاهب فيه، هل ينقض ولَّا ما ينقض؟ واللي يفصل فيه، واللي ما يفصل! ولكن لننظر.
الإنسان إذا زال عقله بالكلية، فإن زوال العقل هذا مظنة قوية أن يُحدِث ولا يشعر، والعلة إذا كانت منتشرة لا يمكن ضبطها، فإنه يثبت مقتضاها بأدنى شبهة أو بأدنى سبب، فحينئذٍ نقول: ما دام العلة في كون النوم ناقضًا أنه مظنة الحدث، فليرتب عليه الحكم بمجرد زوال العقل بنوم أو غيره.
وقال بعض العلماء: إن النوم ليس هو نفسه ناقضًا للوضوء، لكنه مظنة، وعلى هذا فإذا ترجح عندك أنك لا تزال على طهرك فأنت؟
طالب: طاهر.
الشيخ: طاهر، وإلا فلا، زوال العقل بالجنون وبالإِغماء وبالسكر هو في الحقيقة فَقْدٌ نهائي، وعلى هذا فيسيرُها وكثيرُها ناقضٌ، فلو صُرِعَ الرجل -والعياذ بالله- ثم استيقظَ من الصرع وجب عليه؟
طلبة: الوضوء.
الشيخ: أن يتوضأ، وكذلك لو سَكِرَ، وكذلك لو أُغمي عليه؛ سقط من شيء وأغمي عليه وجب عليه أن يتوضأ، بخلاف النوم فإنه ليس كهذا؛ ولهذا يفترق عن هذه الأشياء بأن يسيره لا ينقض الوضوء.