للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: (فيُفَرِّقُهَا في أقرب البلاد إليه) وعُلِمَ من قوله: (فيُفَرِّقُهَا) أن مؤونة النقل على مَنْ؟ على صاحب المال، لا من الزكاة، فإذا قُدِّر أن الزكاة لا تُحْمَل إلى هذا البلد الذي فيه الفقراء إلَّا بمؤونة، فهل يَخْصِم المؤونة من الزكاة؟ لا؛ لأن ما لا يتم الواجب إلَّا به فهو واجب، وقد وجب عليه إخراج الزكاة، فيجب أن يوصِلها إلى مستحقها، والمؤونة عليه، حتى لو أن المؤونة صارت أضعافَ أضعافَ قيمةِ الزكاة فإنه يلزمه أن يؤديها إلى مستحقيها.

قال: (وإن كان في بلد وَمَالُهُ في آخَرَ أخْرَجَ زَكَاةَ المال في بلده، وَفِطْرَتَهَ في بلدٍ هو فيه) إذا كان صاحب المال في بلد وماله في بلد، ولا سيما إذا كان المال ظاهرًا كالمواشي والثمار، فإنه يُخْرِج زكاة المال في بلده، ويُخْرِج فطرة نفسه في البلد الذي هو فيه؛ لأن الفطرة زكاة تتعلق بالبدن، والمال زكاته تتعلق به، فإذا كان في بلد وهو في بلد آخر فعلى ما ذَكَر المؤلف.

مثال ذلك: رجل ساكن في مكة وأمواله التي يتَّجِر بها في المدينة، فنقول: أخرج زكاة المال في المدينة، وفطرتك في مكة؛ لأن زكاة المال تبعٌ للمال، والفطرة تبعٌ للبدن.

ثم قال المؤلف رحمه الله: (ويجوز تعجيل الزكاة لحولين فأقل) أقل من الحولين كم؟ حول واحد؛ يعني: يجوز أن يُعَجِّل الزكاة قبل وجوبها، لكن بشرط أن يكون عنده نصاب، فإن لم يكن عنده نصاب وقال: سأعجل زكاة مالي؛ لأنه سيأتيني مالٌ في المستقبل، فإنه لا يجزئه إخراجها، وهذه مبنية على قاعدة ذكرها ابن رجب رحمه الله في القواعد الفقهية؛ وهي أن تقديم الشيء على سببه لاغٍ، وعلى شرطه جائز.

من هذه المسألة: لو قدَّم الزكاة قبل أن يملك النصاب، هذا على أساس سيملك نصابًا فإنه لا يجزئه، لماذا؟ لأنه قدَّم الزكاة على سبب الوجوب وهو ملك النصاب، فإن مَلَكَ نصابًا وقدَّمها قبل تمام الحول جاز؛ لأنه قدَّمها بعد السبب وقبل الشرط؛ لأن شرط الوجوب تمام الحول.

<<  <  ج: ص:  >  >>