الجواب على ذلك: أن التوفيق بين الإضافتين هو أن إضافته إلى الله لأنه مُوصِلٌ إلى الله، مَن سلك هذا السبيل وصل إلى الله؛ ولأن الله هو الذي وضعه لعباده، فهو منه ابتداءً وإليه انتهاءً، أما إضافته إلى المؤمنين؛ فلأنه طريقهم الذي يسلكونه، فبذلك يتبين أنه لا تنافي بين الإضافتين.
{فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، مَن في سبيل الله؟ {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} يقول المؤلف: (هم الغزاة) جمع غازٍ، هذا واحد، (المتطوعة) بخلاف غير المتطوعين.
الشرط الثالث: (الذين لا ديوان لهم)، يعني: ليس لهم نصيب من بيت المال على غزوهم، فهم متبرعون بالغزو، هؤلاء هذا هو معنى قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٦٠]، فجعل المؤلف هذه الظرفية جعلها للمقاتل، لا لنفس الطريق.
فكأن الآية معناها على كلام المؤلف: والغازين في سبيل الله. فخص المؤلف رحمه الله (في سبيل الله) بالغزاة الذين ليس لهم ديوان، أي ليس لهم شيء من بيت المال يُعْطَوْن إياه على غزوهم، وهذا تخصيص من وجهين:
الوجه الأول: أنه جعل (في سبيل الله) الجهاد فقط.
والثاني: أنه جعله للمجاهدين فقط.
والثالث: أنهم المجاهدون المتطوعة الذين لا ديوان لهم.
ثلاثة شروط، فأما تخصيصه بالجهاد في سبيل الله فلا شك فيه، خلافًا لمن قال: إن المراد في سبيل الله كل عمل بِرٍّ وخير، فهو على هذا التفسير: كل ما أُرِيدَ به وجهُ الله، فيشمل: بناء المساجد، إصلاح الطرق، بناء المدارس، طبْع الكتب، وغير ذلك مما يقرب إلى الله عز وجل؛ لأن ما يوصل إلى الله من أعمال البر لا حصر له، ولكن هذا القول ضعيف؛ لأننا لو فسرنا الآية بهذا المعنى لم يكن للحصر فائدة إطلاقًا، ما هو الحصر؟ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} لكذا وكذا، معناه: لا فائدة للحصر، والصواب أنها خاصة في الجهاد في سبيل الله.