الشيخ: ما ينتقض الوضوء؛ لأن الأحاديث الواردة بالمسِّ إنما تكون باليد، وفي بعض الألفاظ:«إِذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إِلَى ذَكَرِهِ لَيْسَ دُونَهَا سِتْرٌ فَقَدْ وَجَبَ الْوُضُوءُ»(١٧)، بيده، وهذا واضح في أنه بالكف، واليد عند الإِطلاق لا يُراد بها إلا الكف، وأيش الدليل؟ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨].
ما هو الدليل على انتقاض الوضوء بمس الذَّكَر أو القُبُل؟ الدليل فيه الأحاديث منها:
حديث بُسْرَة بنت صفوان: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَه فَلْيَتَوَضَّأْ»(١٨).
ومنها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «إِذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إِلَى ذَكَرِهِ لَيْسَ دُونَهَا سِتْرٌ فَقَدْ وَجَبَ الْوُضُوءُ»، وفي رواية:«إِلَى فَرْجِهِ»(١٩).
والتعليل هو: أن الإنسان قد يحصُل منه تحرُّكُ شهوةٍ عند مسِّ الذَّكر أو القُبُل، فيحصل منه خارج وهو لا يشعر، فما كان مظَّنة الحدث عُلِّق الحكم به، كالنَّوم.
هذا الدليل، وهذا التعليل، وهذا الذي ذكره المؤلف هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، بناء على هذه الأحاديث.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن مسَّ الذَّكَرِ لا ينقض الوضوء، واستدلوا بحديث طَلْقِ بن علي أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرَّجُل يمسُّ ذَكَرَه في الصَّلاة قال: أعليه الوضوء؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا، إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ»(٢٠).
وقالوا: إن الأصل بقاء الوضوء وعدم النقض، فلا يمكن أن نخرج عن هذا الأصل إلا بدليل متيقن، أما ما كان فيه احتمال فالأصل أن يبقى الوضوء، «لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا»(٦)، فإذا كان هذا في سبب الحدث فكذلك في السبب الموجب شرعًا؛ لأن الرسول يتكلم هنا عن السبب الموجب حسًّا، كذلك السبب الموجب شرعًا ما يمكن نلتفت إليه حتى يكون يقينًا معلومًا.