للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصيام في اللغة: مصدر صام يصوم، ومعناه أمسك، فالإمساك في اللغة والصيام بمعنى واحد، ومنه قوله تعالى: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: ٢٦] صومًا: يعني إمساكًا عن الكلام بدليل قوله: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} يعني: إذا لم تري أحدًا {فَقُولِي إِنِي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} أي: إمساكًا عن الكلام {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا}، ومنه قولهم: صامت عليه الأرض إذا أمسكته وأخفته.

أما في الشرع: فهو التعبد لله سبحانه وتعالى بالإمساك عن الأكل والشرب، وسائر المُفَطِّرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

ويجب التفطن لإلحاق كلمة التعبد في التعريف؛ لأن كثيرًا من الفقهاء لا يذكرونها، بل يقول: هو الإمساك عن المُفَطِّرات من كذا إلى كذا، في الصلاة يقولون: الصلاة هي: أقوال وأفعال معلومة، ولكن ينبغي أن نزيد كلمة التعبد حتى لا تكون مجرد حركات، أو مجرد إمساك، بل تكون عبادة.

التعبد لله عز وجل بالإمساك عن الأكل والشرب وسائر المُفَطِّرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وحكمه الوجوب بالنص والإجماع، ومرتبته في الدين الإسلامي أنه أحد أركانه، فهو ذو أهمية عظيمة في مرتبته في الدين الإسلامي.

ثم اعلم أن من حكمة الله عز وجل أنَّ الله نَوَّع العبادات في التكليف؛ ليختبر المكلَّف كيف يكون امتثاله لهذه الأنواع، هل يَمْتَثِل ويَقْبَل ما يوافق هواه وطبعه، أم يمتثل ما به رضا الله عز وجل؟

فإذا تأملنا العبادات الخمس؛ الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وجدنا أن بعضها بَدنيٌّ محض، وبعضها مالي محض، وبعضها مركب، حتى يُبْتَلَى الشحيح من الجواد، ربما يهون على بعض الناس أن يُصَلِّيَ ألف ركعة، ولا يبذل درهمًا واحدًا، أليس كذلك؟

<<  <  ج: ص:  >  >>