(وإن رُئِيَ نهارًا)(إن رئي) الضمير يعود على الهلال (نهارًا فهو لليلة المقبلة)، وكلام المؤلف في قوله:(فهو لليلة المقبلة) لم يُرِد به الحكم بأنه لليلة المقبلة، بل أراد به رَدَّ قول من يقول: إنه لليلة الماضية، فإن بعض العلماء يقول: إذا رُئِيَ الهلال نهارًا قبل غروب الشمس من هذا اليوم دلَّ ذلك على أنه لليلة الماضية، ومنهم من فصَّل بما إذا رُئِيَ قبل الزوال أو بعده.
ولكن القول الصحيح أنه ليس لليلة الماضية، اللهم إلَّا أن يُرى بعيدًا عن الشمس؛ يعني مرتفعًا عن الشمس كثيرًا، فهنا ربما نقول: إنه لليلة الماضية، إذا قدَّرنا أن بينه وبين مغرب الشمس، يعني: مسافة طويلة، فهذه قد يقال: لليلة الماضية، وأنه لم يُرَ في تلك الليلة لسبب من الأسباب، لكن مع ذلك لا نتيقن هذا الأمر.
ثم إن قوله:(إنه لليلة المقبلة) ليس على إطلاقه أيضًا؛ لأنه إن رُئي تحت الشمس فليس لليلة المقبلة قطعًا، إن رُئي تحت الشمس يعني: أقرب إلى المغرب من الشمس فليس لليلة المقبلة؛ لماذا؟ لأنه سابق لها، والهلال لا يكون هلالًا إلَّا إذا تأخر عن الشمس، فمثل: لو رأيناه قبل غروب الشمس بنصف ساعة، ووجدناه -أي الهلال- قد بقي عليه ربع ساعة أو عشر دقائق والشمس بقي عليها نصف ساعة فهنا قطعًا لا يكون للمقبلة؛ لماذا؟ لأنه سيغيب قبل أن تغرب الشمس، وإذا غاب قبل أن تغرب الشمس فلا عبرة برؤيته؛ إذ إن العبرة بالرؤية رؤيته بعد الغروب متخلفًا عن الشمس، هذا العبرة.