للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الكبائر النميمة، وهي نقل كلام الناس بعضهم ببعض لقصد الإفساد بينهم، فيأتي إلى شخص ويقول: قال فيك فلان كذا وكذا، مما يؤدي إلى العداوة والبغضاء، هذه النميمة.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لَا يَدْخُلِ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ» (٩)، أي: نمَّام، وثبت عنه أنه كُشِف له عن رجلٍ يُعَذَّب في قبره بالنميمة كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم مَرَّ بقبرين، فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» (١٠)، فإذا نَمَّ الإنسان مرة واحدة ولم يتب فليس بعدل.

من الكبائر أيضًا الغيبة، وهي: «ذُكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» (١١) من عَيْبٍ خِلْقي، أو خُلُقي، أو ديني، هذه الغيبة، خِلْقي كأن تقول: هذا الرجل أعور، هذا أنفه مائل، هذا فمه واسع، وما أشبه ذلك، هذا عَيْب خِلْقي.

خُلُقي مثل أن تقول: هذا أحمق، سريع الغضب، عصبي، وما أشبه ذلك.

ديني مثل أن تقول: مُتَهاوِن بالصلاة، لا يَصِلُ رحمه، لا يَبَرُّ بوالديه، وما أشبهها، هذه الغيبة «ذُكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» في غَيْبته ولَّا في حضوره؟

في غَيْبته؛ ولهذا تسمى غِيبة فِعْلَة، من الغَيْب، أما في حضرته، فلا تُسَمَّى غِيبة وإنما تُسَمَّى سبًَّا وشتمًا؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنِ امْرُؤٌ سَابَّهُ»؛ يعني: الصائم «سَابَّهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ» (١٢).

رجل اغتاب شخصًا في المجلس، نقول: إنه خرج عن العدالة ما لم يتب من ذلك، هذا هو العدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>