والخلاصة الآن ليتضح المقال: دخول رمضان يثبت بشهادة الواحد، ودليله حديث ابن عمر: أخبرت النبي صلى الله عليه أني رأيته، فصام، وأمر الناس بصيامه (٣)، هلال شوال وغيره من الشهور لا يثبت إلا بشاهدين؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا»(٤)، فقال:«إِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا»، ومثل ذلك أيضًا دخول شهر ذي الحجة، لو رأى الإنسان وحده هلال ذي الحجة، فهل يثبت دخول الشهر؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا، وعلى هذا فلو وقف هذا الرجل بعرفة في اليوم التاسع عنده الذي هو الثامن عند الناس، فإن ذلك لا يجزئه، ولو أراد أن يصوم في اليوم التاسع عنده الذي هو الثامن عند الناس بنية أنه من عرفة، فإن ذلك لا يجزئه عن عرفة. وفي اليوم التاسع عند الناس الذي هو العاشر عنده، هل يجوز أن يصومه؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم، يجوز؛ لأنه وإن كان عنده حسب رؤيته العاشر، لكنه عند الناس التاسع، لم يثبت شرعًا دخول شهر ذي الحجة بشهادة هذا الرجل، وعلى هذا فإذا وقف في اليوم العاشر عنده، وهو التاسع عند الناس أجزأه الوقوف.
والذي يظهر لي في مسألة الصوم ما ذكره المؤلف -رحمه الله- أنه يصوم سرًّا، أما في مسألة الفطر فإنه لا يفطر، وهذا من باب الاحتياط، نكون احتطنا في الصوم، واحتطنا في الفطر، ففي الصوم قلنا له: صُم، وفي الفطر قلنا له: لا تفطر، صُم؛ لأنك وإن رأيته فإن الاحتياط ألا تفطر، تبعًا لمن؟ تبعًا للجماعة، هذا عندي أقرب، مع أن المسألة تحتاج إلى نظر، أما شيخ الإسلام رحمه الله فقال: المعتبر ثبوته شرعًا لا عبرة برؤيته؛ لأن الهلال هو ما استهل وظهر وبان، وأما أن ينفرد برؤية رجل فهذا لا ينبني عليه حكم.
ثم قال المؤلف مبينًا من يلزمه الصوم:(يلزم الصوم لكل مسلم مكلف قادر)، يلزم الصوم لكل مسلم وضده؟