للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهُنا مسألةٌ: لو سافرَ مَنْ لا يستطيعُ الصومَ لكِبَرٍ أو مرضٍ لا يُرجى بُرْؤُهُ فماذا يصنع؟ هو الآن لا يصومُ سواء في البلدِ أو في السفرِ، ولا يُرجى زوالُ المانعِ في حقِّهِ، فقال بعضُ الفقهاء: إنه لا صومَ عليه ولا فِديةَ؛ لأنه مسافرٌ، والفديةُ بَدَلٌ عن الصومِ، والصومُ يسقطُ في السفر، ولا صومَ عليه لأنه عاجزٌ. ولكنَّ هذا القولَ عليلٌ، أو هذا التعليل عليلٌ؛ لأنَّ هذا الذي على هذه الحال -يعني لا يُرجَى زوالُ عَجْزِهِ- لم يكن الصومُ واجبًا في حقِّهِ أصلًا، وإنما الواجبُ أيش؟ الفديةُ، والفديةُ لا فرقَ فيها بين السفرِ والحضرِ، وعلى هذا فإذا سافرَ مَنْ لا يُرجَى زوالُ المانعِ في حقِّهِ فإنه كالمقيم يَلْزمه فِديةٌ؛ أنْ يُطعِم عن كلِّ يومٍ مسكينًا، والقولُ بأنه يسقطُ عنه الصومُ والفديةُ قولٌ ضعيفٌ جدًّا؛ لأن العِلَّةَ فيه عليلةٌ كما سمعتم.

طالب: ابن حزمٍ -رحمه الله- بم يُجِيبُ عن صيامِ رسولِ الله وصيامِ صحابةِ رسولِ الله؟

الشيخ: نعم، واللهِ لا أعلمُ ماذا يُجيب، لكن الآن لا أرى جوابًا سديدًا له.

الطالب: لا يكون يقصد الصيامَ الذي فيه مشقَّة.

الشيخ: لا، مُطْلَقًَا.

طالب: مجرَّد الصيام؟

الشيخ: مُطْلَقًا.

الطالب: حديثٌ في صحيح مسلم؛ حديثُ عبد الله بن عمر المازنيِّ أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي أصومُ في السفرِ ولا يشقُّ عليَّ. فقال: «إِنْ أَفْطَرْتَ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ صُمْتَ فَلَا بَأْسَ عَلَيْكَ» (٨).

وأيضًا يا شيخ عمومُ حديثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» (٩)، ( ... ) حتى ولو كان فيه مشقَّةٌ.

الشيخ: ولو لم يكنْ فيه مشقَّةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>