للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: بل يُطعِم نصف الصاع من البُرّ أو من غيره، واحتج هؤلاء بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لكعب بنِ عُجرة رضي الله عنه حين حلق رأسه في العمرة، قال: «أَطْعِم سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ» (٤)، وأَطْلَق، ولم يقل: من التمر أو من البُرّ، وهذا يقتضي أن يكون المقدَّر نصف الصاع، وإذا كان كذلك فزِد على ما قلنا النصف، فيكون بالنسبة لصاع الرسول صلى الله عليه وسلم إطعام ستين مسكينًا كم؟ ثلاثين صاعًا، وبالنسبة لصاعنا أربعة وعشرين صاعًا.

والأمر في هذا قريب، فلو أن الإنسان احتاط وأطعم لكل مسكين نصف صاع لكان حسنًا.

المؤلف يقول: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَقَطَتْ) الكفارة، ودليل ذلك من الكتاب والسُّنَّة؛ أما من الكتاب فقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: ٧]، وهذا الرجل الفقير ليس عنده شيء، فلا يُكَلَّف إلا ما آتاه الله، والله عز وجل بحكمته لم يؤتِه شيئًا، ودليل آخر قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، ودليل ثالث: العموم؛ عموم القاعدة الإسلامية الشرعية وهي أنه: لا واجب مع عجز، فالواجبات تسقط بالعجز عنها، وهذا الرجل الذي جامَع لا يستطيع الرقبة ولا الصيام ولا الإطعام، نقول: إذن لا شيء عليه وبرئت ذمته، فإن أغناه الله في المستقبل فهل يلزمه أن يُكَفِّر أو لا؟

طلبة: لا يلزمه.

الشيخ: لا يلزمه؛ لأننا نقول: سقطت، وكما أن الفقير لو أغناه الله لم يلزمه أن يؤدي زكاة عما مضى من سنواته؛ لأنه فقير، فكذلك هذا الذي لم يَجِد الكفارة إذا أغناه الله تعالى لم يجب عليه قضاؤها.

<<  <  ج: ص:  >  >>