سبق لنا أن الكفارة تجب في الوطء في نهار رمضان لمن يلزمه الصوم، وأنها عِتق رقبة، فإن لم يجد؟
طلبة: فصيام شهرين.
الشيخ: فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع؟
طلبة: إطعام.
الشيخ: فإطعام ستين مسكينًا، فإن لم يجد سقطت، وقلنا: إن هذا سارٍ في كل واجب يعجز عنه، وبيَّنَّا دليلَ ذلك.
ثم قال المؤلف:(بَابُ مَا يُكْرَهُ، وَيُسْتَحَبُّ، وَحُكْمِ القَضَاءِ)، هذه ثلاثة عناوين جمعها المؤلف في باب واحد، فقوله:(مَا يُكْرَهُ) أي: في الصيام، (وَيُسْتَحَبُّ) أي: في الصيام، (وَحُكْمِ القَضَاءِ) أي: قضاء رمضان.
والمكروه عند الفقهاء هو الذي نهى عنه الشرع لا على وجه الإلزام بالتَّرْك، هذا المكروه عندهم، نهى عنه الشرع لا على وجه الإلزام بالترك؛ لأنه إن نهى عنه على وجه الإلزام بالترك صار حرامًا، وأمثلته كثيرة؛ في الصلاة مكروهات، في الوضوء مكروهات، في الصيام مكروهات، في الحج مكروهات، في البيع مكروهات، يعني الأمثلة كثيرة.
أما حُكْمُهُ فإنه يُثاب تاركه امتثالًا، ولا يُعاقَب فاعلُه، وبهذا ظهر الفرق بينه وبين الحرام؛ أن الحرام إذا فعله الإنسان استحق العقوبة، أما هذا فلا، أما في لسان الشرع فإن المكروه يُطلَق على المحرَّم، بل قد يكون من أعظم المحرَّمات، قال الله تبارك وتعالى في سورة الإسراء حين نهى عن أشياء متعددة منهيات عظيمة قال:{كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا}[الإسراء: ٢٨]، وفي الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام:«إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ»(٨).
أما المستحب، وهو قوله:(يُسْتَحَبُّ)، فالمستحب هو المسنون، وهو ما أُمِرَ به لا على وجه الإلزام بالفعل، فإن أُمِرَ به على وجه الإلزام بالفعل كان واجبًا.