للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخرون: بُلَّ الغترة ثم مُصَّهَا؛ لأن إذا بللتها انفصل الريق عن الفم، فإذا رجعتها ومصصتها أدخلت شيئًا خارجًا عن الفم إلى الفم، وهذا يعتبر أكلًا أو شربًا.

وعلى تقليد هؤلاء العوام نقول: فإن عدِمَ فماء، فإن عَدِمَ فرِيقٌ، وهذا لا أصل له.

نقول: إذا غربت الشمس وليس عندك ما تفطر به أفطرت حكمًا، حتى إن بعض العلماء قال: إن قوله عليه الصلاة والسلام: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» (٨) أن المعنى: أفطر حكمًا وإن لم يفطر حسًّا، ولكن يُسَنُّ له أن يبادر، وليس هذا ببعيد، إلا أنه يضعفه أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أذن لهم بالوصال إلى السحر.

قال: (فإن عُدِمَ فتمر، فإن عُدِمَ فماء) ولم يتكلم المؤلف هنا عن الوصال، لكن ربما نأخذ حكمه من قوله: (يُسَنُّ تعجيل الفطر) لأن الوصال لا يكون فيه تعجيل الفطر.

والوصال أن يقرن الإنسان بين يومين في صوم يوم واحد، بمعنى ألا يفطر بين اليومين.

وحكمه قيل: إنه حرام، وقيل: إنه مكروه، وقيل: إنه مباح لمن قدر عليه، فالأقوال فيه ثلاثة.

والذي يظهر: فيه التحريم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن الوصال فأَبَوا أن ينتهوا فتركهم، وواصل بهم يومًا ويومًا ويومًا حتى دخل الشهر -يعني: شهر شوال- فقال عليه الصلاة والسلام: «لَوْ تَأَخَّرَ الْهِلَالُ لَزِدْتُكُمْ» (١٢) كالمنكِّل لهم، وهذا يدل على أنه على سبيل التحريم، فالقول بالتحريم أقواها.

<<  <  ج: ص:  >  >>