(آكَدُهُ يومُ عرفة لغيرِ حاجٍّ بها) يومُ عَرَفة هو اليوم التاسع، وإنما كان آكَدَ أيامِ العشر لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سُئل عن صوم يوم عرفة فقال:«أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ والسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ»، وعلى هذا فصومُ يوم عرفة أفضلُ من صوم عاشوراء؛ لأن صوم عاشوراء قال فيه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» فقط، أمَّا هذا فقال:«السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ والَّتِي بَعْدَهُ».
(لغير حاجٍّ بها) أمَّا الحاجُّ فإنه لا يُسَنُّ أنْ يصوم يوم عرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عن صومِ يومِ عَرَفة بعَرَفة، وهذا الحديث في صحته نَظَرٌ، لكن يؤيده أن النبي صلى الله عليه وسلم شكَّ الناسُ في صومه يوم عرفة، فأُرسِلَ إليه بقدحٍ من لبنٍ فشَرِبه ضُحًى يومَ عرفةَ والناسُ ينظرون إليه، حتى يتبيَّن أنه لم يَصُم، ولأن هذا اليومَ يومُ دعاءٍ وعملٍ، ولا سِيَّما أنَّ أفضل زمن هذا اليوم في الدعاء هو آخِر اليوم، فإذا صام الإنسانُ فسوف يأتيه آخِرُ اليوم وهو في كسلٍ وتعبٍ، لا سِيَّما في أيام الصيف وطولِ النهار وشدةِ الحر فإنه يتعب، وتزول الفائدة العظيمة الحاصلة في هذا اليوم، والصوم يُدرَك في وقتٍ آخَر.
ولهذا نقول: صومُ يومِ عرفة للحاجِّ مكروهٌ، وأمَّا لغير الحاجِّ فهو سُنَّةٌ مؤكدةٌ.
طالب: أحسن الله إليك، ثبتَ عن بعض الخلفاء أنهم كانوا في الحجِّ يصومون يوم عرفة وهم حُجَّاج.
الشيخ: إذا ثبت عن بعض الصحابة من الخلفاء أو غيرهم أنهم يصومون يومَ عرفة وهم حُجَّاج فهؤلاء يُعْتذَر عن فِعْلهم ولا يُحتَجُّ به؛ لأن خير الهدْيِ هَدْيُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.