وفي هذا الحديث الذي قاله الرسول عليه الصلاة والسلام دليلٌ على أنَّ التوقيت كان في الأمم السابقة بالأَهِلَّةِ وليس بالصورة الإفرنجية؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبرَ بأن اليوم العاشر من محرَّم هو الذي أهلكَ اللهُ فيه فرعونَ وقومَه ونَجَّى موسى وقومَه. قال:(وآكدُهُ العاشِرُ ثم التاسِعُ).
ويُسَنُّ أيضًا صومُ (تسعِ ذي الحجَّة).
(تسع ذي الحِجَّة) بالكسر أفصح من (الحَجَّة) بالفتح، و (القَعدة) بالفتح أفصحُ من (القِعدة) بالكسر، فـ (القَعدة) مفتوحة و (الحِجة) مكسورة على الأفصح.
تسع ذي الحجة تبدأُ من أول يومٍ من ذي الحجة، وتنتهي باليوم التاسع وهو يوم عرفة، ودليل استحبابها قولُ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ»، والصومُ من العمل الصالح.
فأمَّا ما رُوي من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم العَشْر فهذا إخبارُ الراوي عن عِلْمه، وقول الرسول مقدَّم على شيء لم يعلمه الراوي، وقد رجَّح الإمام أحمد -رحمه الله- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم العَشْر؛ عَشْرَ ذي الحِجة، فإنْ ثبت هذا فهو المطلوب، وإنْ لم يَثْبت فإن صيامها داخل في عموم الأعمال الصالحة التي قال فيها الرسول عليه الصلاة والسلام:«مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ».
قال:(وآكَدُهُ يومُ عرفة).
(آكَدُهُ) أي: آكَدُ تسعِ ذي الحجة صيامُ يومِ عرفة.