شهرُ المحرَّم هو الذي يَلِي شهرَ ذي الحجَّة، وهو الذي جعله الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أول شهور السَّنة، وصومُه أفضل الصيام بعد رمضان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:«أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ».
واختلف العلماء -رحمهم الله- أيهما أفضل: شهر المحرَّم أو شهر شعبان؛ فقال بعض العلماء: شهر شعبان أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه كلَّه أو إلَّا قليلًا منه، ولم يُحفَظ أنه كان يصوم شهر المحرَّم، لكنه حثَّ على صيامه بقوله: إنه «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ».
قالوا: ولأن صوم شعبان ينزل منزلة الراتبة قبل الفريضة، وصوم المحرم ينزل منزلة النفْل المطْلَق، ومنزلةُ الراتبةِ أفضل من منزلة النفْل المطْلَق.
وعلى كلِّ حالٍ فهذانِ الشهرانِ يُسَنُّ صومُهما: شعبان، والمحرَّم.
قال:(وآكَدُهُ العاشرُ ثم التاسعُ).
(آكده العاشر) لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: «أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»، فهو آكَدُ من التاسع وآكَدُ من بقية الأيام.
ثم يليه (التاسع) لقوله صلى الله عليه وسلم: «لَئِنْ بَقِيتُ» أو «لَئِنْ عِشْتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» يعني مع العاشر.
وهل يُكره إفراد العاشر؟
قال بعض العلماء: إنه يُكره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«صُومُوا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ، خَالِفُوا الْيَهُودَ».
وقال بعض العلماء: إنه لا يُكره، ولكنه لا يحصُل على الأجر التامِّ إذا أَفْرده.
إذَن صوم العاشر أَوْكد من التاسع، وأَوْكد من بقية الأيام.
فإن قال قائل: ما هو السبب في كون يوم العاشر آكَد أيامِ محرَّم؟
قلنا: السبب في ذلك أنه اليوم الذي نَجَّى الله فيه موسى وقومَه، وأهلكَ فرعونَ وقومَه.