ونقول: تخصيص تلك الليلة بعمرة بدعة؛ لأنه تخصيص لعبادة في زمن لم يخصصه الشارع، ما الذي يخصص ليلة القدر؟ القيام هو الذي قال الرسول فيه:«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»(٩)، ولم يقل من اعتمر، بينما قال:«عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً»(١١) فتخصيص العمرة بليلة القدر، أو تخصيص ليلة القدر بعمرة هذا من البدع.
فانظر كيف يزين الشيطان للإنسان العمل حتى يستحسن البدعة، أعرفتم هذه؟ ولذلك لما كانت -سبحان الله- لما كانت بدعة صار يلحق الناس المعتمرين فيها من المشقة الشيء العظيم، حتى إن بعضهم إذا رأى المشقة في الطواف وفي السعي قال: ما لها لزوم، ثم انصرف إلى أهله، وكثيرًا ما نُسْأَلُ عن هذا، جاء يعتمر ليلة السابع والعشرين، فلما رأى الزحام قال: خلاص، تحلل، فانظر الجهل كيف يؤدي بصاحبه إلى هذا، إذن ينبغي لنا نحن طلبة العلم، بل يجب علينا أن نبين للناس هذه المسألة، ونقول: تخصيص ليلة القدر بعمرة أيش هو؟
الطلبة: بدعة.
الشيخ: بدعة، فها هو رسول الله عليه الصلاة والسلام ما قال: عمرة في ليلة القدر لها شرف وقدر، بل جعل القيام هو الذي له الشرف والقدر.
قال:(وليلة سبع وعشرين أبلغ) يعني: أبلغ الأوتار وأرجاها، لكنها لا تتعين في ليلة السابع والعشرين.
فإن قال قائل: هل ينال الإنسان أجرها، وإن لم يشعر بها؟
الجواب: نعم، ولا شك، وأما قول بعض العلماء: إنه لا ينال أجرها إلا من شعر بها فقول ضعيف جدًا؛ لأن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال:«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا»(٩)، ولم يقل: عالمًا بها، ولو كان العلم شرطًا في حصول هذا الثواب لبينه الرسول عليه الصلاة والسلام، فالإنسان ينال أجرها وإن لم يعلم بها.