وقِيل: سميت ليلة القدر، من القدر وهو الشرف، كما تقول: فلان ذو قدر عظيم، أي: ذو شرف؛ لقوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: ٢، ٣]، وليلة خير من ألف شهر قدرها عظيم لا شكَّ.
إذن سُميت ليلة القدر لسببين: ما هو السبب الأول؟
طلبة: لأنه يُقدَّر فيها ما يكون في تلك السنة.
الشيخ: لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة وله دليل، أو لأنها عظيمة القدر، وله أيضًا دليل.
وقيل: لأن للعبادة فيها قدرًا عظيمًا؛ لقول النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَّدَمَ مِنْ ذَنْبِهِ»(٩)، وهذا لا يحصل إلا لهذه الليلة فقط، لو أن الإنسان قام ليلة النصف من شعبان أو ليلة النصف من رجب أو ليلة النصف من أي شهر أو في غير ليلة النصف لم يحصل له هذا الأجر، فيكون ليلة القدر لعظم قدر العبادة فيها، والليل معروف أن أهم ما يفعل فيه من العبادات القيام، قال:(ترجى ليلة القدر في العشر الأخير من رمضان وأوتاره آكد) لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الْتَمِسُوهَا فِي كُلّ وِتْرٍ»(١٠).
فما هي أوتاره؟
واحد وعشرون، اثنين وعشرون، ثلاث وعشرون، إن غلطت ردوا عليّ، إحدى وعشرون، اثنين وعشرون.
الطلبة: لا.
الشيخ: لا، إحدى وعشرون، ثلاث وعشرون، خمس وعشرون، سبع وعشرون، تسع وعشرون، خمس ليال هذا أرجاها، وليس معناه أنها لا تكون إلا في الأوتار، تكون في الأوتار وغير الأوتار.
وهنا مسألة يفعلها أهل مكة وغير أهل مكة، يظنون أن ليلة القدر للعمرة فيها مزية، ولهذا تجدهم يعتمرون في تلك الليلة، ينزلون من الطائف يأتون من جدة وما حول ذلك ويؤدون العمرة في هذه الليلة.