للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا خلاف بين العلماء والصحيح أنها تتنقّل فتكون عامًا ليلة إحدى وعشرين، وعامًا ليلة تسع وعشرين، وعامًا ليلة خمس وعشرين، وعامًا ليلة أربع وعشرين، وهكذا؛ تتنقّل؛ لأنه لا يمكن جمع الأحاديث الواردة إلا على هذا القول، أنها تتنقّل والحكمة من كونها تتنقّل ظاهرة جدا؛ لأنه لو كانت في ليلة معينة لكان الكسول لا يقوم إلا تلك الليلة، لكن إذا كانت متنقلة، وصار كل ليلة يحتمل أن تكون هي ليلة القدر صار الإنسان يقوم كل ليالي العشر، وهذا من الحكمة في عدم تعيينها في ليلة معينة حتى يتبين النشيط من الكسلان والراغب في الخير من الزاهد في الخير.

البحث الرابع: نقول الصحيح أنها تتنقل لكن أرجاها ليلة سبع وعشرين كما سيذكر المؤلف.

البحث الخامس: لماذا سميت ليلة القدر؟

سميت ليلة القدر؛ لأنه يُقدَّر فيها ما يكون في تلك السنة، يكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عزّ وجل، وبيان إتقان صنعه، وخلقه، فهناك كتابة أولى قبل خلق السماوات والأرض، بخمسين ألف سنة في اللوح المحفوظ، وهذه كتابة لا تتغير ولا تتبدل لقوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: ٣٩] أصله الذي هو مرجع كل ما يكتب.

الكتابة الثانية: عُمرية، يكتب على الجنين ما يعمله، وما مآله، وما رزقه، وهو في بطن أمه، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح حديث ابن مسعود المتفق عليه (٨).

الكتابة الثالثة: الكتابة السنوية، وهي التي تكون ليلة القدر، فسُمّيت ليلة القدر؛ لأنه يُقَدَّر فيها ما يكون في تلك السنة من خير وشر عام أو خاص، ودليل هذا قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: ٣، ٤] {يُفْرَقُ} يفصل ويبين {كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}، وأمر الله كله حكيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>