للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ويُسْتَحَب اشتغالُه بالقُرَب واجتناب ما لا يَعْنِيه).

(يُسْتَحب اشتغالُه بالقُرَب) يعني: لا بالعلم إلا شيئًا نادرًا يفوت بفوات الوقت فلا بأس، وإلا فالأفضل أن يشتغل بالعبادات الخاصة، كقراءة القرآن، والذكر، والصلاة في غير وقت النهي، وما أشبه ذلك، وهو أفضل من أن يذهب إلى حلقات العلم، اللهم إلا أن تكون هذه الحلقات نادرة، لا تَحْصُل له في غير هذا الوقت، فربما نقول: طلب العلم في هذه الحال أفضل من الاعتكاف، فاحضرها، لكن سيحمل كتابه ويجلس على شيخه يقرأ، نقول: هذا الأفضل ألَّا يفعل، يشتغل بالقرب.

(واجتناب ما لا يَعْنِيه) يعني: أن يجتنب ما لا يعنيه من قول أو فعل أو ترك، أو غير ذلك وهذا سنة له ولغيره؛ قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» (١٧)، وهذا من حُسْن إسلام المرء، ومن حسن أدبه، ومن راحة نفسه أن يدع ما لا يعنيه، أما كونه يَنْبُش عن شيء لا يعنيه، لو يشوف إتنين يتكلمون قال: تعال، ويش قال لك الرِّجِّال؟ يتعب، أليس كذلك؟ يتعب.

إذا كان أيضًا يتتبع الناس ويش حصل لفلان؟ ويش صار لفلان؟ ويش صار في أمريكا؟ ويش صار في موسكو؟ ويش صار في لندن؟ ويش صار في باريس؟ هل يعنيه هذا؟

أكثر الأحيان ما يعنيه، ربما يعنيه إذا أساء هؤلاء الكفار إلى المسلمين يعنيه هذا الشيء لأجل أن يدعوَ الله عليهم، لكن أشياء ما تعنيه، فإن من حسن إسلام المرء وأدبه وراحته أن يدع ما لا يعنيه؛ ولهذا تجد الرجل السمَّاع الذي ليس له هَمٌّ إلا سماع ما يقوله الناس، والاشتغال بقيل وقال، تجده منفرط عليه الوقت.

اجتناب ما لا يَعْنيه: هل يجوز مثلًا أن يزوره أحدٌ من أقاربه ويتحدث إليه ساعةً من زمان؟

<<  <  ج: ص:  >  >>