الجهاد -يقول المؤلف-: (فرض كفاية)، وفرض الكفاية هو الذي إذا قام به مَنْ يكفي سقط عن الباقين وصار في حقهم سُنَّةً وهذا حكمه، أما مرتبته في الإسلام فقد سماه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذِرْوَة سَنَامِ الإسلام (٢٥)، والسَّنَامُ هو الشحم النابت فوق ظهر الجمل، وذروته أعلاه، وإنما جعله النبي عليه الصلاة والسلام ذِرْوَة سَنَام الإسلام؛ لأنه يعلو به الإسلام ويرتفع به الإسلام كما أن سَنام البعير كان فوق، مرتفعًا، فهو له مرتبة وله حكم، حكمه؟
طالب: فرض كفاية.
الشيخ: ومرتبته أنه ذروة سنام الإسلام، وقوله:(هو فرض كفاية) لا بد فيه من شرط وهو الكفاية أي بأن يكون عند الإنسان أو عند المسلمين قدرة يستطيعون بها القتال، فإن لم يكن لديهم قدرة فإن إقحام أنفسهم بالقتال إلقاء بأنفسهم إلى التهلكة؛ ولهذا لم يوجب الله سبحانه وتعالى على المسلمين القتال وهم في مكة لأنهم عاجزون ضعفاء، فلما هاجروا إلى المدينة وكَوَّنوا الدولة الإسلامية وصار لهم شوكة أُمِروا بالقتال، وعلى هذا فلا بد من هذا الشرط أن يكون عند المسلمين قوة يستطيعون بها الجهاد، وإلا سقط عنهم كسائر الواجبات؛ لأن جميع الواجبات يُشْتَرط فيه القدرة لقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]، وقوله:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦] إذن لا بد من القدرة.