وينقسم الجهاد إلى ثلاثة أقسام؛ جهاد النفس، وجهاد المنافقين، وجهاد الكفار المبارزين المعاندين.
أما الأول وهو جهاد النفس فهو إرغامها ومخالفتها في معصية الله؛ أي: إرغامها على طاعة الله ومخالفتها في الدعوة إلى معصية الله، وهذا الجهاد يكون شاقًّا على الإنسان مشقة شديدة لا سيما إذا كان في بيئةٍ فاسقة؛ فإن البيئة قد تَعْصِف به حتى ينتهك حرمات الله وحتى يدع ما أوجب الله عليه، وقد رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه حينما رَجَع من غزوة تبوك قال:«رَجَعْنَا مِنَ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ»(٢٢) يعني جهاد النفس، لكنَّ هذا الحديث غير صحيح.
أما النوع الثاني فهو جهاد المنافقين، وجهاد المنافقين يكون بالعلم لا بالسلاح لأن المنافقين لا يُقاتَلون؛ فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم استأذن أن يُقْتَل المنافقون الذين عَلِمَ نفاقَهم فقال:«لَا، لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ»(٢٣)، وهم لهم جهاد؛ قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}[التوبة: ٧٣]، ولكن جهادهم بالعلم؛ ولهذا يجب علينا أن نتسلح بالعلم أمام المنافقين الذين يُورِدون الشبهات على دين الله ليصدوا عن سبيل الله، فإذا لم يكن لدى الإنسان عِلْمٌ فإنه ربما تَكْثُر الشبهات والشهوات والبِدَع، ولا يستطيع أحد أن يَرْدَعَها.
الثالث: جهاد المبارزين المعاندين المحاربين وهم الكفار الذين أعلنوا وصرَّحوا بالكفر، وهذا يكون بماذا؟
يكون بالسلاح، وقوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال: ٦٠] قد يقال: إنه يشمل النوعين جهاد المنافقين بالعلم وجهاد الكفار بالسلاح.
ولكن قول الرسول عليه الصلاة والسلام:«أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ»(٢٤) يؤيد أن المراد بذلك؟ السلاح، المقاتلة.