والدليل على هذا، الدليل على أن أهل مكة يحرمون من مكة قول الرسول عليه الصلاة والسلام:«حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ»، وفِعْل الصحابة رضي الله عنهم الذين حلوا من إحرامهم في التمتع مع الرسول عليه الصلاة والسلام؛ فإنهم أحرموا من مكة، من الأبطح.
طيب، وقوله:(وعمرته من الحل)، يعني: عمرة من كان من أهل مكة من الحل، أي: من موضع خارج الحرم، والحرم له حدود معروفة والحمد لله إلى الآن، وتختلف قربًا وبعدًا من الكعبة، فبعضها قريبٌ من الكعبة، وبعضها بعيدٌ من الكعبة، أقربها من الكعبة التنعيم؛ التنعيم هو أقربها من الكعبة، وأبعدها من جهة جدة ومن جهة عرفة أيضًا، بعضها تسعة أميال أو أحد عشر ميلًا.
على كل حال هذه الحدود توقيفية، حدود الحرم توقيفية؛ ليس للرأي فيها مجال، فلا يقال: لماذا بعدت حدود الحرم من هذه الجهة دون هذه الجهة، لماذا؟ لأنها توقيفية.
المؤلف يقول:(عمرته من الحل)، القريب والبعيد أو القريب؟
القريب والبعيد، فلو قال: أنا لا أريد أن أحرم من التنعيم، بل أريد أن أحرم من طريق جدة وهو بعيد -حوالي أحد عشر ميلًا - لأنه إلى الحديبية؛ فهل له أن يفعل؟ أجيبوا.
طلبة: نعم.
الشيخ: له أن يفعل. طيب، هل الأفضل أن يختار الأبعد، أو أن يختار الأقرب، أو أن يختار الأسهل؟
طلبة: الأسهل.
الشيخ: الأسهل، هذا هو الظاهر، وقال بعض العلماء: بل الأفضل أن يختار الأبعد؛ لأنه أكثرُ أجرًا، ولكن في النفس من هذا شيء.
وقال بعض العلماء أيضًا: الأفضل أن يحرم بالعمرة من ميقات بلده، فإذا كان من أهل نجد وأراد أن يحرم قلنا: الأفضل أن تحرم من قرن المنازل.