طيب، هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله، وبه أخذ أصحابه؛ أن أشهر الحج شهران وبعض الثالث، ولكن يَرِدُ على هذا القول أن الله قال:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}[البقرة: ١٩٧]، ولم يقل: في أشهر معلومات، لو قال: في أشهر، صارت الأشهر الثلاثة ظرفًا، والمظروف لا يلزم أن يملأ الظرف، لو قال: في أشهر؛ قلنا: نعم يجوز أن يكون المراد شهرين وبعض الثالث، لكن قال:{أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}، وأشهر جمع، والمشهور في اللغة العربية أن أقل الجمع ثلاثة، وعلى هذا فتكون أشهر الحج ثلاثة، وهذا مذهب الإمام مالك رحمه الله، وهو أقرب إلى الصحة مما ذهب إليه المؤلف، لموافقته لظاهر الآية:{أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}.
فإن قال قائل: إذن هل تجيزون أن يقف الناس في خمسة عشر ذي الحجة؟
قلنا: لا؛ لا نجيزه، كما أنكم لا تجيزون أن يقف الناس في عشرة من شوال، أليس كذلك؟ فهذه الأشهر لا يلزم أن يكون الحج يجوز في كل يوم من هذه الأشهر، لا يلزم.
طيب، ويَرِدُ على كلام المؤلف أيضًا مبينًا لضعفه أن من أيام الحج اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر، واليوم الثالث عشر، فإن هذه الأيام من أيام الحج، ما الذي يفعل فيها من الحج؟ أيش؟ الرمي والمبيت، فكيف نخرجها عن أشهر الحج وهي أوقات لأعمال الحج؟ ! لو أن الإنسان قال: أريد أن أرمي الجمار الثلاث، وجمرة العقبة في يوم العيد، هل يمكنه ذلك؟ لا يمكنه، فلا بد أن يكون رمي الجمرات في الأيام الثلاثة، ويوم العيد جمرة واحدة يوم العقبة، وهي خارج الحد الذي قال المؤلف؛ لأن المؤلف قال:(عشر من ذي الحجة).