وبعض الناس يقول: تسعٌ من ذي الحجة، بعض العلماء يقول: تسعٌ من ذي الحجة؛ لأن «الْحَجّ عَرَفَة»(١٠)، وعرفة ينتهي متى؟ في التاسع. ولكن هذا القول ضعيف، أضعف مما ذهب إليه المؤلف؛ لأن الله قال:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}[البقرة: ١٩٧]، وقال:{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ}[التوبة: ٣].
وعلى قول من يقول: إنها تسعة، يخرج هذا اليوم الذي سماه الله يوم الحج.
فالصواب ما ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله من أن أشهر الحج ثلاثة، كما هو ظاهر القرآن: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة.
فإن قال قائل: هل يترتب على ذلك شيء، على هذا الخلاف؟
قلنا: نعم، يترتب عليه شيء؛ أولًا: يترتب عليه في مسائل الأيْمَان، لو قال قائل: والله لأصومنَّ ثلاثة أيام من أشهر الحج، وصام اليوم العشرين والحادي والعشرين والثالث والعشرين من ذي الحجة، هل يكون بارًّا بيمينه؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لا.
طالب: على المذهب لا.
الشيخ: على المذهب لا.
طالب: لماذا؟
الشيخ: لأنها انتهت أيام الحج، وعلى قول مالك يكون بارًّا بيمينه؛ لأنه صامها في أشهر الحج، أشهر الحج ما تنتهي إلا في الثلاثين من ذي الحجة أو في ثبوت دخول شهر محرم.
وينبني على ذلك أيضًا أنه لا يجوز أن يؤخر شيءٌ من أعمال الحج عن الأشهر الثلاثة إلا لضرورة، وإلا فالواجب ألا يخرج ذو الحجة وعليك شيءٌ من أعمال الحج إلا طواف الوداع؛ لأن طواف الوداع منفصل عن الحج لمن أراد الخروج.
الشيخ: وعلى هذا فهل يجوز للإنسان أن يؤخر حلق رأسه إلى أن يدخل المحرم؟