يتفقان في الحروف دون الترتيب، نشوف الحروف: حاء، ميم، دال، موجودة في الكلمتين، فهل الحمد هو المدح أو بينهما فرق؟
الصحيح أن بينهما فرقًا عظيمًا؛ لأن الحمد مبني على المحبة والتعظيم، والمدح لا يُبْنَى على ذلك؛ قد يُبْنَى وقد لا يُبْنَى، قد أمدح رجلًا
لا محبةً له ولا تعظيمًا، لكن محبةً في نَوالِه، فيما يعطيني، أليس كذلك؟ ربما أمدح رجلًا من أجل أن يعطيني شيئًا، لكن قلبي لا يحبه ولا يعظِّمه.
أما الحمد فإنه لا بد أن يكون مبنيًّا على المحبة والتعظيم، ولهذا نقول في تعريف الحمد: وصف المحمود بالكمال محبةً وتعظيمًا، ولا يمكن أحدٌ يستحق هذا الحمد على وجه الكمال إلا الله عزَّ وجل.
إذن الحمد معناه وصف المحمود بالكمال محبةً وتعظيمًا.
وقول بعضهم: الحمد والثناء بالجميل الاختياري، أن يُثْنِيَ على المحمود بالجميل الاختياري الذي يفعله اختيارًا من نفسه، هذا التعريف غير صحيح، يُبْطِلُه الحديث الصحيح:«إِنَّ اللهَ قَالَ: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَإِذَا قَالَ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، قَالَ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قَالَ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي»(٢١)، فجعل الله تعالى الثناء غير الحمد، وهو كذلك.
الحمد (أل) فيه للاستغراق، أي: جميع أنواع المحامد لله وحده، المحامد على جلب النفع، على دفع الضرر، على حصول الخير الخاص والعام، كله لله، على الكمال كله لله.
وقوله:(النِّعْمَةَ) يعني: الإنعام، فالنعمة لله، هل الصواب لله أو من الله؟ الحمد لله واضح، يعني: تَعَدِّي الحمد باللام واضح ما فيه إشكال، (النِّعْمَةَ) كيف تتعدى باللام؟ ما نقول: النعمة من الله، كما قال تعالى:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}[النحل: ٥٣].