الشيخ: اللام بمعنى من؟ لأن اللام (إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ)، (لك) خبر للحمد والنعمة، يقال في الجواب: النعمة لك، يعني: التفضل لك، أنت صاحب الفضل، فأنت المستحِقُّ للفضل، أي: الذي يُقَال: إنه أفضل وأنعم، فهي مِن، لكن حقيقةً له، هو صاحب الإفضال.
وقوله:(إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ)، ذكرنا أن الحمد غير المدح؛ المدح قد يكون محبةً وتعظيمًا وقد لا يكون، لكن الحمد محبة وتعظيم.
وقد ذكر ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد بحثًا مستفيضًا حول الفروق بين الحمد والمدح، وكلمات أخرى في اللغة العربية تخفى على كثير من الناس، وبحث بحثًا فيها مُسْهَبًا، وقال في أثناء البحث: وكان شيخُنَا -يعني: ابن تيمية- إذا تكلَّم في هذا أتى بالعجب العُجَاب، مع أن شيخ الإسلام ما هو نحوي! ! نعم، غير نحوي، ما هو من علماء النحاة، من علماء الفقه والعقائد وما أشبه ذلك، لكن مع ذلك فتح الله عليه، كان إذا تكلَّم في هذا أتى بالعجب العُجَاب، ولكنه كما قيل:
تَأَلَّقَ الْبَرْقُ نَجْدِيًّا فَقُلْتُ لَهُ
إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنِّي عَنْكَ مَشْغُولُ
مشغول بماذا؟ بما هو أهم من البحث في كلمة في اللغة العربية وأسرار اللغة العربية.
قال:(والْمُلْك، لا شريك لك)، هذا تأكيد بأن الحمد والنعمة لله لا شريك له، فإذا تأملت هذه الكلمات، وما تشتمل عليه من المعاني الجليلة وجدتها أنها مشتملة على جميع أنواع التوحيد، وأن الأمر كما قال جابر: أَهَلَّ بالتوحيد (٨)، والصحابة أعلم الناس بالتوحيد لا شك، فلنرجع الآن، أنواع التوحيد ثلاثة، هل في هذا شيء من توحيد الربوبية؟