الشيخ: بالعد، عينها بالعد، وكان ينبغي للمؤلف وغيره من المؤلفين أن يذكروا ما ذكره النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما ذكرنا فيما سبق أن المحافظة على لفظ النص حتى في سياق الأحكام أولى، ويذكر أن أول من عبَّر بلبس المخيط إبراهيم النخعي من التابعين، بل من فقهاء التابعين؛ لأنه -أي: إبراهيم النخعي- في الفقه أعلم منه في الحديث؛ ولهذا يعتبر فقيهًا، وهو في الحديث ليس بالمستوى الذي هو عليه في الفقه، فقال: لا يلبس المخيط.
ولما كانت هذه العبارة ليست واردة عن معصوم صار فيها إشكال؛ أولًا: من حيث عمومها، والثاني: من حيث مفهومها؛ لأننا إذا أخذنا بعمومها حرمنا كل ما فيه خياطة؛ لأن المخيط اسم مفعول بمعنى مخيوط، ولأن هذه العبارة توهم أن ما جاز لبسه شرعًا في الإحرام إذا كان فيه خياطة فإنه يكون ممنوعًا؛ يعني: لو أن الإنسان عليه رداء مرقع أو رداء موصول وصلتين بعضها ببعض، فهل هو مخيط أو لا؟ هو -لغةً- مخيطٌ، مخِيْطَ بعضه ببعض، وهذا ليس بحرام، بل هو جائز، فالتعبير النبوي أولى من هذا؛ لأن فيه عدًّا وليس فيه إيهام.
فلنرجع إلى تفسير حديث الرسول عليه الصلاة والسلام «لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ»، والقميص: ما خيط على هيئة البدن وله أكمام، كثيابنا التي علينا الآن هذه قمص، فلا يلبسها المحرم؛ لأنه لو لبسها لم يكن هناك شعيرة ظاهرة للنسك، ولاختلف الناس فيها؛ هذا يلبس كذا، وهذا يلبس كذا، بخلاف ما إذا اتحدوا في اللباس.
«لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَ» والسراويل اسم مفرد وليس جمعًا، وجمعه سراويلات، وقيل: إنه جمع، ومفرده سروال، لكن اللغة الفصيحة أن (سراويل) مفرد.