للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشروط إذَن: أنْ يكون صيدًا مأكولًا، وأنْ يكون بَرِّيًّا، وأنْ يكون متوحِّشًا أصْلًا؛ لأن معنى (أصلًا) يعني متوحِّشًا أصلًا، ثلاثة شروط.

الدليل على هذا قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة: ٩٥] هذا الدليل، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}، والصيدُ هو ما جَمَع الأوصافَ الثلاثةَ التي سمعتموها.

كذلك الدليل على هذا من السُّنة أنَّ الصعب بن جثَّامة رضي الله عنه نَزَل به النبيُّ صلى الله عليه وسلم ضيفًا في طريقه إلى مكة في حجة الوداع، وكان الصعب عدَّاءً سَبُوقًا صيَّادًا، فذهبَ وصادَ حمارَ وحشٍ، لما نَزَل به النبيُّ عليه الصلاة والسلام ضيفًا صادَ حمارَ وحشٍ، وجاء به إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن الرسول ردَّه، فتغيَّر وجْهُ الصعب، وجدير به أنْ يتغيَّر أنْ يردَّ هديتَهُ محمدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم، تغيَّر، فعرف النبيُّ صلى الله عليه وسلم ما في وجهه فقال: «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ» (١٢). والْمُحْرِم إذا صِيدَ الصيدُ من أجْله فالصيدُ عليه حرامٌ، لكنْ هل منعَ الصعبَ مِن أكْلِهِ؟ لا؛ لأن الصعب صاده وهو حلالٌ، وصيد الحلالِ حلالٌ، لكن الذي صِيدَ له هو الذي يَحْرُم عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>