يقول المؤلف:(ولوْ تولَّد منه ومِن غيره) يعني الصيد لو تولَّد مِن الوحشي والإنسي (ومن غيره) فإنه يكون حرامًا؛ مثل لو تولَّد شيءٌ من صيدٍ برِّيٍّ متوحشٍ وصيدٍ برِّيٍّ غيرِ متوحشٍ مستأنس أصلُه فإنه يكون حرامًا، لماذا؟ للقاعدة المشهورة: أنَّه إذا اجتمعَ في شيءٍ مبيحٌ وحاظِرٌ ولم يتميز المبيح من الحاظر فإنه يُغَلَّب جانبُ الحظر؛ لأنه لا يمكن اجتنابُ المحظور إلا باجتناب أيش؟ الحلال، فوجب الاجتناب.
يقول:(ولو تولَّد منه ومِن غيرِهِ، أو تَلِفَ في يده). (تَلِفَ) معطوف على (قَتَلَ)؛ يعني وإنْ قَتَل أو تَلِفَ في يده فعليه جزاؤه إذا كان في يده صيدٌ مشتملٌ على الأوصاف الثلاثة ولم يقتله، لكن أُصيبَ هذا الصيدُ بمرضٍ من الله عز وجل وتَلِف فإنه يضمنه، لماذا؟ لأنه يَحْرم عليه إمساكُه، وظاهر كلام المؤلف أنه يَحْرم عليه إمساكه ولو كان قد مَلَكه قَبْل الإحرام.
ونحن نقول: الصيد الذي في يد الْمُحْرِم إنْ كان قد مَلَكه بعد الإحرام فهو حرامٌ لا شكَّ ولا يجوز له إمساكُه، وإنْ كان قد مَلَكه قبل الإحرام وأحرمَ وهو في يده فالمذهب أنه يجب عليه إزالة يده المشاهدة لا يده الْحُكْمية.
أيش معنى مشاهدة وحُكمية؟
يعني مثلًا إذا قدَّرْنا أنه صادَ في السير في قرن المنازل، صادَ أرنبًا قبل الإحرام، وأراد أن يُحْرِم والأرنبُ معه، نقول: إنك إنْ أحرمتَ والأرنبُ معك لَزِمَك إطلاقُها. كيف؟
نعم، يَلْزمه إطلاقُها؛ لأنه لا يمكن أن يُقِرَّ يده المشاهدة على صيدٍ وهو مُحْرِم، يُطْلِقها.
وهل يزول ملكه عنها؟
لا، لأننا نقول أَزِلْ يدك المشاهدة، وملكُكَ باقٍ عليها؛ فلو أنَّ أحدًا أخذها ثم حلَلْتَ الإحرام فإنك ترجع عليه وتأخذها، أمَّا إذا صادها بعد أنْ أحرمَ فعليه إطلاقُها، ولا تدخل ملكه أصلًا؛ لأن الْمُحْرِم يَحْرُم عليه صيدُ البرِّ الذي جمع الأوصاف الثلاثة.