للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخامس: فديةٌ؛ بَدَنةٌ تُذبح في القضاء.

يجب عليك كل هذه الخمسة؛ لأنه جامَعَ أيش؟ قبل التحلل الأول.

فأمَّا الإثم فظاهرٌ أنه يترتَّب على فِعْله؛ لأنه عصى الله عز وجل في قوله: {فَلَا رَفَثَ}.

وأمَّا فسادُ النُّسُك فلِقضاء الصحابةِ رضي الله عنهم في ذلك، ووردَ فيه أحاديث مرفوعة لكنها ضعيفة، إنما هو صحَّ عن الصحابة.

وكذلك وجوبُ المضِيِّ فيه، صحَّ ذلك عن الصحابة عن عمر وغيره، وذهبت الظاهرية إلى أنه يفسد نُسُكُه ويَبْطُل، ينصرف، ولا يُمْكن أن يقضي نُسُكًا فاسدًا؛ لأنهم يقولون: هل الفاسد عليه أمْرُ الله ورسوله؟ إنْ قلتَ: نعم، لَزِمَ مِن ذلك أن الله ورسوله يأمرانِ بالفساد، وإنْ قلتَ: لا، قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (١٩)، والمردود لا فائدة من فِعْله؛ {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء: ١٤٧]، إذَن انصرفْ.

وقال بعض العلماء من التابعين: يتحلَّل بعُمرة، الحجُّ فَسَدَ الآن، فيتحلَّل بعُمرةٍ ويقضي، يجعلون هذا بمنزلة مَن فاتَهُ الوقوف بعرفة فإنه يتحلَّل بعُمرةٍ ويحلُّ.

لكن لا شك أن الصحابة رضي الله عنهم أعمق منا علمًا وأسد منا رأيًا، فهُمْ إلى الصواب أقربُ مِنَّا إليه، فنأخذ بأقوالهم ونقول: يفسد ويَلْزمُك الْمُضِيُّ فيه. وفي هذا سدٌّ لباب أهل الشرِّ والفساد؛ لأنه ربما إذا قُلنا: إذا فسدَ فانصرِفْ، لا يُهِمُّه أنْ يأثم؛ يجامع من أجْل أيش؟ أن ينصرف ويُجامع زوجتَه متى شاء، فإذا سَدَدْنا عليه الباب وقُلنا: يَلْزمك الْمُضِيُّ، كان في هذا حِكْمة لتأديبه وردْعِه.

وإذا مضى في هذا الفاسد فهل حُكْمه حُكم الصحيح في بقية .. ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>