وقوله:(فلم تغيِّره)، ويش المراد بـ (تغيِّره)؟ طعمه أو لونه أو ريحه؛ مثال ذلك: هذا إنسانٌ عنده ( ... ) فيها ماءٌ يبلغ القُلَّتينِ، فسقط فيها روث حمارٍ، ولكن الماء ما تغيَّر لا طعمه ولا لونه ولا ريحه، فما حُكْم هذا الماء؟ طَهُورٌ؛ الدليل قول النبي عليه الصلاة والسلام:«إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ»(٤) مع قوله: «إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ»(٥)، فعلى هذا نقول: إن الماء طَهورٌ لا ينجِّسه شيءٌ إذا بَلَغَ القُلَّتينِ، فإنه إذا لَمْ تغيِّره النجاسة فإنه يكون طَهورًا، لو كنتَ ترى النجاسةَ فيه ما دام أنه ما تغيَّر فإنه يكون طَهورًا يجوز أن تتوضأ به، وأن تغتسل به، وأن تغسل به ثوبَك من النجاسة، وأن تشرب منه، كلُّ هذا جائزٌ لأنه طَهورٌ.
بقينا في قوله:(بولِ الآدميِّ وعَذِرَته المائعة).
(بولِ الآدميِّ وعَذِرَته المائعة) لا تعتبر القُلَّتينِ، اعتبرْ مشقةَ النزح؛ إن كان يشقُّ نزْحُه ولم يغيِّره البول والعَذِرة فهو طَهورٌ، وإن كان لا يشقُّ ولو زاد على القلَّتينِ فهو نجسٌ، فجميع النجاسات حتى نجاسة الكلب يُراعَى فيها أيش؟ القُلَّتانِ، أمَّا بول الآدمي وعَذِرته المائعة فإن المعتبر مشقَّةُ النَّزْحِ، فاجعلْ مشقَّةَ النَّزح بالنسبة للبول والعَذِرة بمنزلة القُلَّتينِ؛ فهذا مثلًا: عندنا غديرٌ بالَ فيه شخصٌ نقطةً مثل عينِ الجرادة -تعرفون عينَ الجرادة؟ صغيرة، يُضرَب بها الْمَثَل في الصِّغَر- مثل عينِ الجرادة، وهذا الماء أربعُ قِلالٍ، ولَمْ يتغيَّر الماء إطلاقًا، ماذا يكون هذا الماء، لكنه لا يشقُّ نَزْحه؛ لو جاء رجلٌ نَزَحَةُ بدون أن يشقَّ عليه؟ يكون نجسًا.
طيب، ما تغيَّر، ولو العبرة بمشقَّة النَّزح فإنْ كان يشقُّ نزحه قلنا: طهورٌ.