ما هو الدليل على الفرق بين بول الآدميِّ وغيرِه من النجاسات مع أنكم تقولون لو بال كلبٌ في هذا الماء الذي يبلغ القُلَّتينِ ولم يتغيَّر، لو بال الكلب يكون طَهورًا؟
بال كلبٌ في هذا الماء الذي يبلغ أربع قِلالٍ ولا يشقُّ نزْحُه، بال به كلبٌ ولم يتغيَّر؟
الطلبة: طَهورٌ.
الشيخ: طَهورٌ.
حَصَلتْ عليه نقطةٌ من بول آدميٍّ كعَينِ الجرادة ولم يتغيَّر؟
الطلبة: نجسٌ.
الشيخ: نجسٌ.
كيف نجعل بول الآدميِّ أشدَّ ممن بول الكلب؟ ويش الدليل على هذا؟ نحتاج إلى دليل.
يقول: الدليل أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ» أو «مِنْهُ»(٦)، فنهى عن البول ثم الاغتسال، وهذا عامٌّ؛ ولكنه عُفِيَ عمَّا يشقُّ نزْحُه من أجْل المشقَّة، هذا هو دليلهم على هذه المسألة.
فيقال: النبي عليه الصلاة والسلام ما قال: إنه ينجس، بل نهى أن يبول ثم يغتسل، لا لأنه نجسٌ، ولكن لأنه ليس من المعقول أن رَجُلًا يجعل هذا مَبالًا له ثم يرجع ويغتسل منه، هذا كقوله عليه الصلاة والسلام:«لَا يَجْلِدْ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُضَاجِعُهَا فِي اللَّيْلِ»(٧) هذا تناقضٌ، هذا هو الحكمة في النهي عن البول ثم الاغتسال، وليس المعنى أنه يكون نجسًا، والنبي عليه الصلاة والسلام ما تعرَّض للنجاسة، النجاسة لها بابٌ وهذا له بابٌ آخَر.
ولِهذا: الصوابُ في هذه المسألة ما عليه المتأخرون من أصحاب الإمام أحمد؛ وهو أنه لا فَرْق بين بول الآدميِّ وعَذِرته المائعة وبين غيرهما، الكلُّ سواءٌ، إذا بَلَغ الماءُ قُلَّتينِ لم ينجس إلا بالتغيُّر، وما دون القُلَّتينِ ينجس بمجرد الملاقاة.