قال:(وبجزاء صيد)؛ يعني ويُخير بجزاء، وعلى هذا فالواو حرف عطف و (وبجزاء) معطوفة على قوله: (بفدية)، لكنها بإعادة العامل، وهي الباء، أما المتعلَّق فهو باقٍ؛ يعني ويخير بجزاء صيد بين مثل إن كان، أي: مثل للصيد إن كان له مثل، وإن لم يكن له مِثل فله حكم آخر.
وعلى هذا فنقول: الصيد نوعان: نوع له مثل من النعم؛ فهذا جزاؤه مثله؛ لقول الله تبارك وتعالى:{وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}{أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا}[المائدة: ٩٥] ثلاثة أشياء، وكلما جاءت (أو) في القرآن فهي للتخيير، هكذا جعلها قاعدة بعض المفسرين. إذن يُخيَّر بين مثله إن كان، فماذا يصنع في الْمِثل؟ يذبحه، ويتصدق به على فقراء الحرم؛ لقوله تعالى:{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}[المائدة: ٩٥].
(أو تقويمه بدراهم يشتري بها طعامًا فيطعم كل مسكين مُدًّا، أو يصوم عن كل مُدٍّ يومًا) أو تقويمه بدراهم، هل هو تقويم المثل أو تقويم الصيد؟
طالب: المذهب الثاني.
الشيخ: المذهب أنه تقويم المثل؛ لأنه هو الواجب في الكفارة، وقيل: تقويم الصيد؛ لأنه إذا عدل عن المثل وجبت القيمة، فيكون الْمُقوَّم الصيد، فالمذهب يقولون: الذي يقوَّم المثل؛ لأنه هو الواجب أصلًا، فإذا كان هو الواجب أصلًا، فالواجب قيمته، ومنهم من يقول: يُقوَّم الصيد؛ لأنه لما عدل عن المثل صار كالصيد الذي لا مِثل له، والصيد الذي لا مِثل له، جزاؤه قيمته، لكن المذهب أن الضمير في قوله:(تقويمه)، يعود على المثل بدراهم يشتري بها طعامًا، فيطعم كل مسكين مدًّا أو يصوم عن كل مُدٍّ يومًا.
وقوله:(يشتري بها طعامًا)، ليس هذا على سبيل المثال، وليس على سبيل التعيين؛ يعني له أن يقومه بدراهم؛ أي المثل، ثم يخرج من الطعام الذي عنده ما يساوي هذه الدراهم.