ولكن على مَن يتصدق؟ يتصدق على مساكين الحرم من هدي التمتع والقِرَان، ولا تجزئ الصدقة على غير مساكين الحرم، فلو ذبح الإنسان هدي التمتع والقِرَان في مكة، ثم خرج بلحمه إلى الشرايع، أو إلى جدة، أو ما أشبه ذلك، وأكل هناك ووزع على الفقراء هناك فإنه لا يجزئه؛ لأنه لا بد أن يكون لمساكين الحرم.
الهدي الذي لترك واجب يجب أن يتصدق بجميعه على مساكين الحرم.
الهدي الواجب لفعل محظور غير الصيد يجوز أن يكون في الحرم، وأن يكون في محل فعل المحظور، ودليل كونه في محل فعل المحظور أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر كعب بن عجرة أن يفدي بشاة (٨) في محل فعل المحظور، ولأن هذا الدم وجب لانتهاك النسك في مكان معين، فجاز أن يكون فداؤه في ذلك المكان، وما جاز فعله خارج الحرم جاز فعله داخل الحرم، يعني ما جاز أن يُذْبَح ويُفَرَّق خارج الحرم فإنه يجوز أن يُذْبَح ويُفَرَّق في الحرم، ولا عكس، فليس ما وجب في الحرم يجوز أن يكون خارج الحرم، أما ما وجب خارج الحرم فيجوز أن يكون حيث وُجِدَ السبب، ويجوز أيضًا في الحرم.
دم الإحصار حيث وُجِدَ الحصار، ولكن لو فرضنا أنه أراد أن ينقله إلى الحرم فلا بأس، ولهذا قال المؤلف:(فلمساكين الحرم).
ومَن (مساكين الحرم)، هل هم أهل مكة، أو كل مَن كان داخل حدود الحرم؟ وهل هم الساكنون أو الذين جاؤوا للحج ويريدون أن يرجعوا، أي الآفَاقِيُّون؟ فعندنا الآن أربعة أشياء:
أولًا: هل المراد بساكن الحرم ساكن مكة، أو مَن كان داخل حدود الحرم؟
الثاني: هل المراد بمساكين الحرم الذين هم ساكنون في الحرم أو حتى الآفَاقِيّ؟
نقول: لا فرق بين مَن كان داخل مكة، أو خارج مكة لكنه داخل حدود الحرم، ولا فرق بين أن يكون المسكين من أهل مكة، أو من الآفاقيين، فلو أننا وجدنا فقراء حجاجًا وذبحنا ما يجب علينا من الهدي وأعطيناه إياهم فلا بأس.