فصار المراد بمساكين الحرم مَن كانوا في الحرم من الفقراء، سواء كانوا في مكة أو خارج مكة، أو كانوا من أهل المكان، أو كانوا آفاقيين؛ لأنهم كلهم أهل لأن يصرف لهم.
ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر علِيًّا أن يتصدق بلحم الإبل التي أهداها (٩)، ولم يستثنِ أحدًا، فدل هذا على أن الآفاقي مثل أهل مكة.
وقوله:(لمساكين الحرم) هل المراد بالمساكين الفقراء والمساكين، أو المساكين فقط؟
الأول يشمل الفقراء والمساكين؛ لأننا نقول: إذا جاء لفظ المساكين وحده، أو لفظ الفقراء وحده، فكل واحد منهما يشمل الآخر، وأما إذا جاء لفظ المساكين ولفظ الفقراء فالفقراء أشد حاجة من المساكين، كما تبيَّن ذلك في كتاب الزكاة.
قال المؤلف:(وفدية الأذى)، ما هي فدية الأذى؟ هي: ذبح شاة، أو إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، أو صيام ثلاثة أيام، وهي المذكورة في قوله تعالى:{فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}[البقرة: ١٩٦]، وسميت فدية أذى .. ؟
قال:(واللبس ونحوهما)، يعني: اللبس فديته فدية أذى كما سبق، وقد سبق لنا أن المحظورات؛ محظورات الإحرام، تنقسم من حيث الفدية إلى أربعة أقسام.
وقوله:(ونحوهما) أي: نحو فدية الأذى واللبس، كفدية الطيب وتغطية الرأس، وما أشبه ذلك.
(ودم الإحصار حيث وُجِدَ سببه) دم الإحصار، الإحصار بمعنى المنع، يعني: الدم الذي وجب بالإحصار، وهو المذكور في قوله تعالى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦].
وقول المؤلف:(دم الإحصار)، (أل) هنا للعهد الذهني، أي: ما يكون إحصارًا يحل للإنسان أن يتحلل به من نسكه، وهو حصر العدو فقط على المشهور من المذهب.