للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: لا، كما لو انفرش الجراد في طريقه ومر عليه فإنه ليس عليه شيء، ومن ذلك ما لو احتاج الإنسان إلى فرش أو إلى وضع فراش على الأرض في مِنى أو مزدلفة وكان فيها نبات، فإنه لا يحرم عليه وضع الفراش على الأرض، وإن أدى ذلك إلى تلف ما تحته من الحشيش أو من أصول الشجر؛ لأن ذلك غير مقصود، ومن المعلوم أن الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه كانت إبلهم تمشي على الأرض، ولم يقل: تَوَقَّوا المشي على الأرض، وفرق بين ما قصد وبين ما لم يقصد.

قال: (ويحرم صيد المدينة) صيد حَرَم المدينة حرام، لكن حرمته دون حرمة حرَم مكة؛ وذلك لأنه ثابت، أعني تحريم صيد مكة ثابت بالنص والإجماع، وأما حرم المدينة فمختلَف فيه، ولكن القول الصحيح أن المدينة لها حرَم، وأنه لا يجوز الصيد في حرم المدينة، ولكن هل فيه جزاء؟

يقول المؤلف -رحمه الله-: (ولا جزاء فيه)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل فيه جزاء، وإذا لم يجعل فيه الجزاء فالأصل براءة الذمة وعدم الوجوب.

وقال بعض أهل العلم: وهو رواية عن أحمد: إن فيه الجزاء، وهو سلب القاتل، يعني: أخذ سلبه من ثوبه وغترته، وما أشبه ذلك؛ لحديث ورد في ذلك أخرجه مسلم (٦).

والقائلون بعدم وجوب الجزاء يجيبون عن هذا الحديث بأنه من باب التعزير لا من باب الضمان، ولهذا لا يختلف هذا التعزير بين الصغير والكبير، ولا يختلف فيما إذا كانت السلب جديدًا أو مستعملًا.

والصواب: أنه ليس فيه جزاء، لكن إن رأى الحاكم أن يعزِّر مَن تعدى على صيد في المدينة بأخذ سلبه، أو بتضمينه مالًا، فلا بأس.

ثم قال: (ويباح الحشيش للعلف، وآلة الحرث ونحوه)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخَّص في ذلك (٧)، يباح الحشيش للعلف، يعني يباح أن تحش الحشيش لتعلف بهائمك.

<<  <  ج: ص:  >  >>