للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى كلها، ويمشي في الباقي، فإن لم يتيسر له الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى لزحام المكان، ولكن تيسر له في الثلاثة الباقية الأخيرة لخفة الزحام، فهل يقضي الرمل الذي كان في الأشواط الثلاثة الأولى؟ لا يقضي؛ لأن الرمل سُنَّة في الثلاثة الأشواط الأولى، وقد فات محلها، ولأنه لو رمل في الأشواط الثلاثة الأخيرة لخالف السنة؛ إذ السنة في الأخيرة المشي دون الرمل.

فإن قال قائل: لماذا لم يكن الرمل في الأشواط الأربعة؟

قلنا: الحكمة من ذلك؛ أولًا: التخفيف على الناس، على الطائفين.

وثانيًا: من أجل أن ينقطع على وِتْر؛ لأن الطواف كله مبني على وِتْر، فلو قلنا: في الأربعة الأولى، لانقطع على شفع، ولو قلنا: في الخمسة، لكان فيه مشقة، فلهذا كانت الحكمة تقتضي أن يكون في الأشواط الثلاثة الأولى، كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

فإن قال قائل: إذا دار الأمر بين أن أرمل مع البعد عن الكعبة، وبين أن أمشي مع القرب، فأيهما نقدِّم؟

نقول: قَدِّم الأول، ارمل، ولو بعدت عن الكعبة؛ لأن مراعاة الفضيلة المتعلقة بذات العبادة أولى من المراعاة المتعلقة بزمانها أو مكانها، قاعدة.

طالب: نكتبها؟

الشيخ: لأن .. قُلْهَا.

الطالب: لأن ..

الشيخ: مراعاة ..

الطالب: مراعاة الفضيلة المتعلقة ..

الشيخ: لأن مراعاة الفضيلة المتعلقة بذات العبادة.

الطالب: أولى من مراعاة الفضيلة المتعلقة بالمكان أو بالزمان.

الشيخ: تمام، وهذه القاعدة لها أمثلة:

لو أن رجلًا حين دخل عليه وقت الصلاة كان حاقنًا أو بحضرة الطعام، فهل الأولى أن يقضي حاجته ويأكل طعامه ولو أدى ذلك إلى تأخير الصلاة عن أول وقتها، أو العكس؟

طلبة: الأول.

الشيخ: الأول، فهنا راعينا نفس العبادة، وألغينا مراعاة أول الوقت؛ لأنه إذا صلى فارغ القلب مقبِلًا على صلاته فهنا كانت الصلاة أكمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>