الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومَن تَبِعَهُم بإحسان إلى يوم الدين.
سبق لنا الكلام على طواف القدوم، وأنه يُسَنُّ فيه للرجل شيئان؛ الأول: الاضطباع في جميع الطواف، والثاني: الرمَل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، ولا يُسَنُّ الاضطباع في غير الطواف، وما نشاهده من عامة الحجيج اليوم حيث يضطبعون من حين الإحرام إلى أن يحلوا فإنه ليس مبنيًّا على سُنَّة، ولا على كلام أحد من أهل العلم.
نعم، بعض العلماء قال: يكون الاضطباع في الطواف، ويكون الاضطباع كذلك في السعي بعده، ولكن الصحيح أنه في الطواف فقط، أما كونه من أول أن يُحْرِم حتى يحل فهذا لا أصل له.
وسبق لنا الحكمة من الرمَل، وأن أصله إغاظة المشركين، وسبق أن عمر رضي الله عنه قال: إننا قد أعزَّنَا الله، ففيمَ الرمَل إذن؟ ثم إنه رضي الله عنه استدرك فقال: شيء فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا بد أن نفعله.
وهذا لا شك فيه، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام رَمَل في حجة الوداع، ورمل جميع الأشواط الثلاثة، بخلاف الرمَل في عمرة القضاء، فإنه رمَل من أين؟ من الْحَجَر إلى الركن اليماني، لكن في حجة الوداع رَمَلَ من الْحَجَر إلى الْحَجَر، وهذا هو الصحيح.
ولا مانع أن يكون الشيء مشروعًا لسبب قد زال، كما شُرِعَ السعي في الوادي في المسعى مع أنه شيء قد زال، كما سيأتينا إن شاء الله.
قال المؤلف رحمه الله:(وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الطَّوافِ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ، أَوْ نُسُكَهُ، أَوْ طَافَ عَلَى الشَّاذَرْوَان أَوْ جِدَارِ الحِجْرِ، أَوْ عُرْيَانٌ، أَوْ نَجِسٌ، لَمْ يَصِحَّ)، هذه مسائل بَيَّنَ فيها المؤلف أنها كلها تُفْسِد الطواف، الأولى: مَن ترك شيئًا من الطواف، (شيئًا) نكرة في سياق؟