ويدل لهذه المسألة الأخيرة حديث علي بن أبي طالب بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وكذلك بعث أبا موسى فقدِمَا مكة والرسول عليه الصلاة والسلام قد قدم قبلهما للحج، كلاهما قال: أحرمت بما أحرم به رسولك، فلبوا بما أحرم به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أما علي فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام:«بِمَ أَهْلَلْتَ؟ »، قال: بما أَهَلَّ به رسول الله، قال:«فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلَا تَحِلَّ»(١٤)، فأشركه في هديه، وقال: لا تحل، ليش لا يحل؟ لأن معه الهدي، قد ساق الهدي، ومَن ساق الهدي لا يمكن أن يَحِلَّ.
أما أبو موسى فقال له: اجعلها عمرة، مع أن إحرامه حين أَهَلَّ بما أَهَلَّ به رسول الله ينعقد قِرَانًا، لكن قال: اجعلها عمرة؛ لأن أبا موسى لم يكن معه هَدْي.
فنأخذ من هذا أن الإنسان يجوز أن يُحْرِم بما أَحْرَم به غيره، ولكن لا بد أن يعيِّن قبل أن يطوف، ليقع طوافه في نسك معلوم، ولهذا قال المؤلف هنا:(أو نسكه)، هذه العبارة الصحيحة.
ولذلك قال المؤلف في الشرح:(بأن أحرم مطلقًا)، رجل أحرم مطلقًا ودخل وطاف على أنه طواف مطلَق، كما أنه إحرام مطلَق، فهل يصح طوافه؟ لا؛ لأنه لم يَنْوِ هذا النسك بعينه، فعلى أي شيء يبني؟ ! إذن لا بد من تعيين النسك قبل الشروع في الطواف، فإن لم يَنْوِ نسكه لم يصح.