وبقوله حين أراد أن ينفر، فقيل له: إن صفية قد حاضتْ، قال:«أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ »، قالوا: إنها قد أفاضت، قال:«فَانْفِرُوا»(٣).
وذهب شيخ الإسلام -رحمه الله- إلى أنه لا يُشترط الوضوء للطواف.
وأجاب عن هذه الأدلة بأن قوله:«الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ» لا يصح مرفوعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن معناه لا يصح، إذ إنه قال فيه:«الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ»، والاستثناء عند الأصوليين معيار العموم؛ يعني أنه إذا جاء شيءٌ واستُثني منه شيءٌ دلَّ ذلك على أن بقية الصور غير المستثنى داخلة في المستثنى منه، فيكون عامًّا إلا في الصورة المستثناة.
وهذا لا يصح أن يقال: إن الطواف بالبيت صلاة في كل شيء إلا في الكلام؛ وذلك لأنه يُخالف الصلاة في أشياء كثيرة سوى الكلام، فمن ذلك أنه لا يُشترط فيه القيام، والصلاة يُشترط فيها القيام؛ يعني لو طاف يزحف فإن طوافه صحيح.
ومن ذلك أنه لا يُشترط له تكبير، والصلاة يُشترط لها تكبيرة الإحرام، ومن ذلك أنه لا يشترط له استقبال القِبلة، بل لا بد أن يكون البيت عن يساره.
وإن كان هذا قد يقول قائل: إن كونه عن يساره كاستقبال القبلة في أنه لا بد أن يكون البيت عن جهة من بدنه.
ومنها: أنه لا تشترط فيه القراءة لا الفاتحة ولا غيرها، بل لا يسن فيه أن يقرأ الفاتحة بعينها وسورةً معها.
ومنها: أنه ليس فيه ركوع ولا سجود، ولا يجب فيه تسبيحٌ بالله العظيم، أو بالله الأعلى.
ومنها: أنه يجوز فيه الأكل والشرب، والصلاة لا يجوز فيها الأكل والشرب.
ومنها: أنه لا يبطله التبسُّم (الضحك)، والصلاة يبطلها الضحك.
ومنها: أنها لا تشترط فيه الموالاة على رأي كثير من العلماء، والصلاة يشترط فيها.