ولم يذكر المؤلف سوى الاستلام، وعليه فلا يُسنُّ تقبيلُه في هذه المرة، ولا الإشارة إليه، بل إن تيسر أن يستلمه فعل، وإلا انصرف من مكانه إلى المسعى.
يقول: (ويخرج إلى الصفا من بابه)
(من بابه)؛ لأنه أيسر، وكان المسجد الحرام -فيما سبق- له أبواب دون المسعى؛ يعني أن حدوده دون المسعى، وله أبواب يخرج الناس منها.
فقوله: (يخرج إلى الصفا من بابه) نعلله بأن ذلك أسهل.
(فيرقاه) أي الصفا (حتى يرى البيت).
ولم يذكر المؤلف -رحمه الله- ماذا يسن إذا قرب من الصفا؛ لأنه مختصر، ولكن يسن إذا دنا من الصفا أن يقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» (٥).
وتلاوة هذه الآية كتلاوة: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥]، أي: أن الإنسان يشعر بأنه يفعل ذلك، أيش؟
طلبة: طاعة لله.
الشيخ: طاعةً لله وامتثالًا لأمره سبحانه وتعالى.
(فيرقاه) أي: يرقى الصفا.
(حتى يرى البيت) أي: الكعبة، فيستقبلها -يستقبل الكعبة- ويرفع يديه.
(ويكبر ثلاثًا، ويقول ما ورد) يعني يقول: الله أكبر وهو رافعٌ يديه ثلاث مرات (٥).
(ويقول ما ورد) ومنه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قديرٌ، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعدَهُ، ونصر عبدَهُ، وهزم الأحزاب وحده.
ثم يدعو، ثم يعيد الذِّكْر مرةً ثانيةً، ثم يدعو، ثم يعيد الذكر مرةً ثالثةً، وينزل متجهًا إلى المروة (٥).
قال: (ثم ينزل ماشيًا إلى العَلَم الأول، ثم يسعى شديدًا إلى الآخر).
قوله: (ينزل ماشيًا إلى العلم الأول) (العَلَم) يعني ما جُعل علامة، وهو الشيء الشاخص البَيِّن، ومنه سُمِّي الجبل عَلَمًا، قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} [الشورى: ٣٢].