للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والموالاة) (الموالاة) يعني أن تكون الأشواط متواليةً، وليس ذلك بشرط، فلو سعى الشوط الأول في أول النهار، وأتم في آخر النهار فسعيه صحيحٌ، لكنه خلاف السنة، ولو سعى الشوط الأول في الساعة الواحدة، والثاني في الساعة الثانية، والثالث في الساعة الثالثة، والرابع في الساعة الرابعة، والخامس في الساعة الخامسة، والسادس في الساعة السادسة، والسابع في الساعة السابعة، أي: كل ساعة يأتي بشوط؛ لكان سعيه صحيحًا؛ لأن الموالاة سُنَّة وليست بشرط، لكن المذْهَب أن الموالاة فيه شرط كالطواف.

ومن ثم صرف الشارح عبارة الماتِن إلى هذا المعنى، فقال: (تُسَنُّ الموالاة بينه وبين الطواف)، وهذا صرفٌ للعبارة عن ظاهرها، وإنما صَرَفها الشارح عن ظهرها من أجل أن تطابق المذهب؛ لأن الماتِن اشترط في خطبة الكتاب أنه على قوْل واحد، وهو الراجح في مذهب أحمد، والراجح في مذهب أحمد أن الموالاة في السعي شرط، كما أن الموالاة في الطواف شرط. وهذا القول أصح؛ أن الموالاة شرط في السعي، كما أنها شرط في الطواف.

ويدل لهذا القول أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سعى سعيًا متواليًا، وقال: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (١١)، ويدل له أيضًا أن الإنسان لو فرق السعي كما صورنا قبل قليل لم يقل أحد: إنه سعى أيش؟ سبعة أشواط؛ لتفرق السعي.

نعم، لو فُرض أن الإنسان اشتد عليه الزحام فخرج ليتنفس، أو احتاج إلى بول أو غائط فخرج ليقضي حاجته، ثم رجع، فهنا نقول: لا حرج؛ لأن الموالاة هنا فاتت للضرورة، وهو حين ذهابه قلبه معلق بالمسعى، ففي هذه الحال لو قيل بذلك لكان له وجه.

أما أن يقول: سأطوف شوطًا اليوم، وشوطًا غدًا، وشوطًا بعد غد، أو شوطًا اليوم، وشوطًا بعد عشرة أيام، وشوطًا بعد عشرة أيام؛ يكون السعي كم في سبعين يومًا؟ فهذا قولٌ ضعيفٌ لا شك فيه.

يقول المؤلف رحمه الله: (ثم إن كان متمتعًا لا هدي معه قصَّر من شعره).

<<  <  ج: ص:  >  >>