فإن قال قائل: ما تقولون فيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل، فقال له رجلٌ: سعيت قبل أن أطوف؟ قال:«لَا حَرَجَ»(١٠)؟
فالجواب: أن هذا في الحج، وليس في العمرة.
فإن قيل: ما ثبت في الحج ثبت في العمرة؛ لأن الطواف والسعي في الحج وفي العمرة كلاهما ركنٌ، فما ثبت في الحج ثبت في العمرة؟
فالجواب: أن يقال: إن هذا قياس مع الفارق؛ لأن الإخلال بالترتيب في العمرة يخل بها تمامًا؛ لأن العمرة ليس فيها إلا طواف وسعي وحلْق أو تقصير، لكن الإخلال بالترتيب في الحج لا يؤثر فيه شيئًا؛ لأن الحج يُفعل فيه خمسة أنساك في يوم واحد، ولهذا لا يصح قياس العمرة على الحج في هذا الباب.
ويُذكر عن عطاء بن أبي رباح عالم مكة -رحمه الله- أنه أجاز تقديم السعي على الطواف في العمرة، وقال به بعض العلماء، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يجوز مع النسيان أو الجهل، لا مع العلم والذكر.
ثم قال المؤلف:(وتسن فيه الطهارة)
(تُسن فيه) أي في السعي (الطهارة) من أي شيء؟
طالب: الحدث.
الشيخ: من الحدث والنجس أيضًا، ولا تُشترط الطهارة، فلو سعى مُحدِثًا، أو سعى وهو جُنُب، أو سعت المرأة وهي حائض؛ فإن ذلك مجزِئ، لكن الأفضل أن يسعى على طهارة.
(والستارة) يعني ستْر العورة، ومن المعلوم أن الإنسان لا يمكن أن يسعى عريانًا عريًا كاملًا، لكن ربما يكون إزاره أو قميصه إذا كان في سعي الحج بعد التحلل الأول خفيفًا ترى من ورائه البشرة، أو يكون فيه شق -خرق- تُرى من ورائه العورة، ففي هذه الحال نقول: إن سعيه صحيح؛ لأن السترة فيه سنة.