المهم أن هذا هو السبب في أن الناس يسعون سعيًا شديدًا إذا وصلوا هذا المكان، الآن ليس فيه وادٍ، لكن فيه علامة على مبتدأ الوادي، وهو هذا العلم الأخضر.
يقول:(ثم يمشي، ويرقى المروة، ويقول ما قاله على الصفا، ثم ينزل فيمشي في موضع مشيه، ويسعى في موضع سعيه إلى الصفا، يفعل ذلك سبعًا: ذهابه سعيَة، ورجوعه سعيَة)، يعني فليس السعي هنا دورةً كاملةً، بل نصف دورة، من الصفا إلى المروة سعية، ومن المروة إلى الصفا سعية أخرى.
وقول المؤلف:(يرْقَى عليه، ويرْقَى على المروة) ليس بشرط، وإنما الشرط أن تستوعب ما بينَ الجبلين، ما بين الصفا والمروة، فما هو الذي بينهما الآن؟ هل هو مبتدأ الارتفاع أو ماذا؟
نقول: الذي بينهما هو هذا الذي جُعِل مَمَرًّا للعربات، هذا هو المكان الذي يجب السعي فيه، وأما ما بعد مكان الممر فإنه من المستحب، وليس من الواجب، فلو أن الإنسان اقتصر في سعيه من حد -ممر العربات- لأجزأه؛ لأن الذين وضعوا هذه العربات وضعوها على أن منتهاها من الجنوب والشمال هو منتهى المسعى.
يقول:(فإن بدأ بالمروة سقط الشوط الأول)، لماذا؟
لأنه يشترط أن يبدأ بالصفا، فإذا بدأ بالمروة فإنه يسقط الشوط الأول ويلغيه، كما لو بدأ بالسجود في الصلاة فإنه يسقط ولا يعتبر، فلا بد أن يبدأ بالصفا.
(فإن بدأ بالمروة سقط الشوط الأول، وتُسن فيه الطهارة) بقي أن نقول: المؤلف لم يذكر فيه اشتراط النية، فهل النية فيه شرط؟
فالجواب أن يقال: النية في السعي كالنية في الطواف، وقد سبق أن القول الراجح أنه لا يُشترط له نية، يُشترط نية في الطواف، لكن لا يشترط أن يكون لعمرة أو لحج؛ لأن النسك الذي هو فيه يُعيِّن أنه للعمرة أو للحج، كذلك نقول في السعي.
والمؤلف -رحمه الله- أتى بالسعي بعد الطواف، فهل يشترط أن يتقدمه طواف؟
الجواب: نعم يُشترط، فلو بدأ بالسعي قبل الطواف وجب عليه إعادته بعد الطواف؛ لأنه وقع في غير محله.