يقول المؤلف:(ويُجزئ من بقية الحرم)، وفُهِم من كلامه أنه لا يجزئ الإحرام بالحج من الحِلِّ، فالحرم ميقات من في مكة في الحج، والحِلُّ ميقات من في مكة في العمرة، فكما أنه لا يجوز أن يُحرم بالعمرة من الحرَم، فكذلك لا يجوز أن يُحرِم بالحج من الحِلِّ.
هذا مفهوم كلام المؤلف، وهو أحد القولين في المسألة. وقيل: يُجزئ أن يُحرِم مَنْ في مكة بالحج من الحِلِّ، وعلى هذا، فإذا كان نازلًا في مكة، وأحرم من عرفة فإنه يُجزئ، وهذا هو المشهور من المذهب، والماتِن مشى في هذا على خلاف المذهب.
طالب: الراجح؟
الشيخ: الراجح: أنه لا ينبغي أن يخرج من الحرم، وأن يحرم من الحرم، ولكن لو أحرم من الحِلِّ فلا بأس؛ لأنه سوف يدخل إلى الحرم.
قال:(ويَبيت بمنى): يبيت بمنى ليلة التاسع.
وعلى هذا فيصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء، كلها في منى، جمعًا بلا قَصْر.
طلبة: لا، قصرًا.
الشيخ: قصرًا بلا جمع؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يجمع في منى، وإنما جمع في عرفة، وفي مزدلفة.
قال:(ويبيت بمنى فإذا طلعت الشمس) يعني من اليوم التاسع، (سار إلى عرفة، وكلها موقف إلا بطن عرنة)(سار إلى عرفة) رأسًا؟
لا، ينزل أولًا بنمرة، ونمرة قرية قرب عرفة، وليست من عرفة، هذا النزول هل هو نزول نسك أو نزول راحة؟
المعروف عند العلماء أنه نزول نسك، ويحتمل أنه نزول راحة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضُربت له القبة في نمرة (٥)، ولما طُلب منه أن تُضرب له قبة في مِنى قال:«مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ»(٢٥)؛ لأن منى مشعر، ونمرة ليست بمشعر على هذا القول.
لكن المعروف أن النزول بها سنة، وليس من أجل الراحة، لكن ينزل بها إن تيسر.
وهي معروفة الآن، بعض الحجاج ينزلون فيها، ويحدثوننا أنهم يجدون راحةً بالغة، ولا سيما فيما سبق، لما كان الناس يحجون على الإبل، فإنهم يحتاجون إلى الراحة.