للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالاطِّراد إذَنْ أنْ نقول: مَنْ دفعَ قبل الغروبِ لَزِمه الدمُ. أو نقول: مَنْ دفعَ قبل الغروبِ وعادَ قبل الفَجْرِ فلا دمَ عليه. أمَّا أنْ نقول: إنْ رجع قبل الغروب فلا دمَ عليه، وإنْ رجع بعده فعليه دمٌ. مع قولنا بأنَّ الكُلَّ وقتٌ للوقوف؛ ففيه شيءٌ من التناقض.

ولو قيل بالقول الثالث الذي يُلْزمه الدمُ إذا دفعَ قبل الغروب مُطْلقًا، إلَّا إذا كان جاهلًا ثم نُبِّهَ فرجعَ ولو بعد الغروب فلا دم عليه، لو قيل بهذا القول لكان له وجْهٌ؛ وذلك لأنه إذا دفع قبل الغروب فقد تعمَّد المخالفةَ، فيَلْزمه الدمُ بالمخالفة، ورجوعه بعد أنْ لَزِمه الدمُ بالمخالفةِ لا يؤثِّر شيئًا، أمَّا إذا كان جاهلًا -كما لو دفعَ قبل الغروبِ ثم قيل له: إنَّ هذا لا يجوز، فقال: أستغفر الله وأتوبُ إليه، ثم رجع ولو بعد الغروب- فإنه ليس عليه دمٌ، لو قيل بهذا القولِ لكان له وجهٌ، وهو أقربُ إلى القواعدِ مما ذهب إليه المؤلف.

يقول: (ومَنْ وقفَ ليلًا فقطْ فلا) ويش معنى (فقطْ)؟ أي: دون النهار؛ بأنْ لم يأتِ إلى عرفة إلَّا بعد غروب الشمسِ، فإنه يُجزِئه؛ لعموم قول النبي عليه الصلاة والسلام: «وَقَدْ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ» (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>